الذئبة الحمراء هي مرض مناعي ذاتي مزمن، يحدث عندما يفقد الجهاز المناعي قدرته على التمييز بين الخلايا السليمة والخلايا الغريبة أو الضارة، فيبدأ بمهاجمة أنسجة الجسم الطبيعية عن طريق الخطأ، ما يسبب التهابًا وتلفًا في أنسجة وأعضاء متعددة، مثل: الجلد، المفاصل، الكلى، القلب، الرئتين، خلايا الدم، الدماغ.

أسباب الذئبة الحمراء

تنتج الذئبة الحمراء عن تفاعل معقد بين عدة عوامل تؤدي إلى اضطراب في الجهاز المناعي، ليبدأ بمهاجمة خلايا الجسم السليمة.

وهناك مجموعة من العوامل تؤدي إلى الذئبة الحمراء من بينها:

العوامل الوراثية: في حال وجود تاريخ عائلي للإصابة بالذئبة أو أمراض مناعية أخرى يزيد خطر الإصابة، فهناك جينات معينة مرتبطة بزيادة القابلية للإصابة.

العوامل البيئية: مثل التعرض المفرط لأشعة الشمس (الأشعة فوق البنفسجية)، الإصابة ببعض الفيروسات مثل فيروس إبشتاين-بار، التعرض للمواد الكيميائية مثل الغبار أو الزئبق، الإجهاد البدني أو النفسي الشديد.

وهناك نوع يُعرف بـ"الذئبة الناتجة عن الأدوية"، مثل أدوية الهيدرالازين (لعلاج ضغط الدم)، البروكاييناميد (لاضطرابات القلب)، أيزونيازيد (لعلاج السل)، هذا النوع غالبًا ما يزول بعد التوقف عن الدواء.

كما يمكن أن تحدث نتيجة خلل في جهاز المناعة، الذي يفقد القدرة على التمييز بين "العدو” و”الذات”، فيهاجم خلايا الجسم ويكوّن أجسامًا مضادة ذاتية تسبب التهابات وتلف الأنسجة.

أعراض الذئبة الحمراء

تختلف أعراض الذئبة الحمراء من شخص لآخر، وقد تظهر تدريجيًا أو فجأة، وتكون خفيفة أو شديدة، مؤقتة أو دائمة. وذلك لأن المرض يمكن أن يصيب أي جزء من الجسم.

ومن بين الأعراض: الإرهاق الشديد (حتى مع الراحة)، الحمى المتكررة غير المبررة، فقدان الشهية ونقصان الوزن، آلام عضلية بدون سبب واضح.

إلى جانب أعراض المفاصل والعظام، وتتمثل في آلام وتيبّس المفاصل، خاصة في اليدين والمعصمين، وتورم المفاصل واحمرارها، وأعراض تشبه التهاب المفاصل الروماتويدي.

طفح جلدي على شكل فراشة عبر الأنف والخدين (من أبرز علامات الذئبة)، أو طفح جلدي أحمر أو أرجواني في أماكن أخرى من الجسم.

حساسية شديدة لأشعة الشمس، وتساقط الشعر أو ترققه، وتقرحات في الفم أو الأنف.

أما أعراض القلب والرئة فتتمثل في ألم في الصدر عند التنفس بعمق (بسبب التهاب الغشاء البلوري أو التامور)، وضيق في التنفس، وفي بعض الحالات: التهاب عضلة القلب أو مشاكل في صمامات القلب، وصداع مزمن، ودوخة أو نوبات تشنجية (صرع)، اكتئاب أو قلق، صعوبة في التركيز أو "الضباب الذهني".

كيفية تشخيص الذئبة الحمراء

يبدأ التشخيص من خلال عدة طرق، وهي:

مراجعة التاريخ الطبي والفحص السريري، فيسأل الطبيب عن متى بدأت الأعراض وكيفية حدوثها.

فحص الطفح الجلدي: خاصة الطفح "على شكل فراشة"، والمفاصل (للكشف عن التورم أو الألم)، والعلامات الحيوية (كالحرارة، ضغط الدم).

التحاليل الطبية: ومن أهم الفحوصات الدموية التي تساعد في التشخيص: اختبار الأجسام المضادة للنواة، الأجسام المضادة الخاصة بالذئبة، تحاليل وظائف الكلى والكبد، تحليل البول، تحليل تعداد الدم الكامل، مستوى المكملات المناعية.

كما يمكن إجراء فحوصات إضافية حسب الأعراض، مثل خزعة الكلى لتقييم شدة التهاب الكلى، أشعة الصدر أو التصوير بالرنين المغناطيسي إذا ظهرت أعراض في القلب أو الجهاز العصبي، اختبارات المناعة الأخرى.

علاج الذئبة الحمراء

لا يوجد علاج نهائي حتى الآن، لكن باستخدام الأدوية والمتابعة المستمرة، يمكن السيطرة على المرض بشكل جيد، إذ يهدف العلاج إلى السيطرة على الأعراض، ومنع تلف الأعضاء، وتقليل نشاط الجهاز المناعي الزائد، وتحسين جودة الحياة.

أدوية لعلاج الذئبة الحمراء

أما الأدوية المستخدمة في علاج الذئبة الحمراء فهي تتمثل في أدوية مضادة للالتهاب غير الستيرويدية، وأدوية الملاريا فعّالة في علاج الطفح الجلدي، آلام المفاصل، والتعب، تُستخدم على المدى الطويل وتقلل من تكرار نشاط المرض، كذلك الكورتيزون، مثبطات المناعة، والعلاجات البيولوجية، مخصصة للحالات التي لا تستجيب جيدًا للأدوية التقليدية.

وقد يتم اتباع نظام صحي يشمل الراحة الكافية والنوم المنتظم، مع تجنب التعرض للشمس واستخدام واقٍ شمسي دائمًا.

إضافة إلى نظام غذائي صحي ومتوازن غني بالخضروات والفواكه والبروتينات، بجانب ممارسة الرياضة الخفيفة بانتظام، والابتعاد عن التوتر والضغوط النفسية، والإقلاع عن التدخين.

وبشكل عام يجب مراقبة الحالة بشكل دوري لدى طبيب مختص في أمراض المناعة أو الروماتيزم، مع إجراء فحوصات دورية للدم والكلى والقلب، تعديل الأدوية حسب نشاط المرض ومراحله.