في جلسة استثنائية مع نخبة من الاستشاريين والأخصائيين، قال لي أحد الأطباء النفسيين، إن عدد المراجعين في مركزه التخصصي يفوق 40 مراجعاً أسبوعياً.. من مختلف الفئات العمرية وغالبيتهم من فئة المراهقين والشباب! وأتبع حديثه قائلاً "هؤلاء المراجعون ليسوا مرضى، بل ضحايا المجتمع البشري".
استوقفتني كثيراً هذه العبارة، واستذكرت حينها مقولة: "الإنسان ضحية مجتمعه"، وفكرة أن الظروف والضغوط الاجتماعية تلعب دوراً كبيراً في تشكيل سلوكيات الناس وتحديد مصائرهم أحياناً! وهذا لا يعني أن الإنسان لا يتحمل مسؤولية أفعاله، بل يشير إلى أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على خياراتنا ونتائجها.
والمئات، بل الآلاف من القصص الممزوجة بالأوجاع والآلام التي تمخضت بسبب رفقاء السوء والغفلة والحسد والخسارة، والكثير الكثير من المسببات التي قد تحول الإنسان من كائن مضيء إلى آخر لا يجد متعته إلا في انزوائه بين ثنايا الليل.
مراكز الطب النفسي تعجُّ بالضحايا! وحتى المنازل والطرقات مليئة أيضاً، لكن ساكينها وسالكيها صامدون رغم كل شيء.
ولو رجعنا إلى أصل الدنيا، فإنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فلماذا كل هذا الأذى بحق بعضنا البعض؟!
إنما الخير خيرُ الآخرة، والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلِمُه.. والحياة رحلة مُضنية وسلسلة من الكدح الطويل.. فلا تتركوا إخوانكم فريسةً للاكتئاب، ولا تقتربوا من أشخاصٍ ترون أن الشمس تنبت في أوردتهم إن كنتم لا تجيدون إشراقها.
رسالة أخيرة
جميع ما مَرَرتْ به أصبح من الماضي.. ومن أكْثَرَ الالتفات أسَرَتْهُ أحزانه وزلاته، وأقعده الغمّ، وثقُل عليه المسير، ومن تخفّف ومشى.. غَنِم وأوشك أن يبلُغ.
تأكد أن كل تجربة مريرة هي هدية الله لك قد يرفع فيها درجتك، أو يكفر ذنبك.. فامضِ ولا تلتفت، سيصلك ضوء لا تعرف من أين أتى، تماماً كما لم تعرف يوماً من أين أتتك تلك الخيبة.
khaulahalhajri@gmail.com