للأسف، ما نشهده مؤخراً من تصرفات طائشة لدى بعض الشباب لم يعد مجرد دهشة، بل بات خوفاً حقيقياً على جيل ينمو بلا بوصلة.

كبروا أولادنا.. لكن هل كبر الفكر كما كبر الجسد؟

نخاف عليهم صغاراً من التنمّر، ونخاف عليهم كباراً من مكايد «الترند» وسباق اللايكات، حيث يفتعل بعضهم المواقف الخطرة، ويغامرون بأخلاقهم وأمانهم فقط لإرضاء جمهور افتراضي لا نعرفه، ولن يتذكّرهم.

في الماضي، كنا نحذر من سخرية الزملاء في الصف، أما اليوم فنخشى أن يكون أولادنا هم صُنّاع التفاهة بأنفسهم.

لكن الحقيقة الأشد مرارة، أن بعض الكبار أيضاً لم يعقلوا، بل باتوا صُنّاعاً للترندات السطحية، ومروّجين للفراغ، ومقلدين لسلوكيات لا تليق بأعمارهم ولا بمكانتهم.

فكيف ننتظر من الأبناء أن يعقلوا، إن كان الكبار أنفسهم لا يُعقلون؟

نسأل: «هل نحن كأهل ومجتمع ومؤسسات، تركناهم يكبرون في فراغ تربوي؟».

«وهل أصبح الهاتف هو المعلم، والتيك توك هو المقياس؟».

كثيرٌ من الأبناء لم يكتفِ بالمشاهدة، بل تشبّع بالتفاهة حتى صار يتصرف بها.

اسمحوا لي فأولادنا لم يُولدوا تافهين، لكن حين يُغذّى العقل يومياً بالفراغ، فمن الطبيعي أن ينتج سلوك أجوف وشخصية هشّة.

ألم يحن الوقت بأن نتوقف عن الاتكاء على الجملة التي نُسكّن بها آلامنا الصامتة وعجزنا: «بُكرة بيكبر وبيعقل»...

فبعض ما يُغرس في الصغر لا ينمو، بل يترسخ، ويكبر معه الخطر.