الخلاف والاقتتال الكبير الذي حدث في سوريا في الفترة الأخيرة قد يكون الشرارة التي تنطلق منها إسرائيل الراغبة في تقسيم هذا البلد العربي العزيز، وتفتيته وإضعافه وجعله في نهاية المطاف ينضم تحت لوائها، وضمن حدود دولتها، تحقيقاً لحلم دولة إسرائيل الكبرى أو أرض الميعاد كما يطلق عليها الإسرائيليون.

ولقد رأينا التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، واحتلال أجزاء منها، تحت أعذار واهية، كحماية الدروز أو العلويين، وما ذلك إلا بداية أو منفذ تتنفس منه إسرائيل هواء الاحتلال الجديد للأراضي العربية، إلى جانب فلسطين والجولان، مستغلة الخلاف بين طوائف الشعب السوري، بعد سقوط حكم بشار الأسد، وكأن إسرائيل تبدأ الآن ومن سوريا المرحلة الثانية من مشروع دولتها المزعوم، بعد نهاية المرحلة الأولى وهو سقوط حكم بشار الأسد.

وتحقيق حلم دولة إسرائيل الكبرى لن يقوم إلا على أمرين اثنين هما: الخلاف بين أبناء الشعب الواحد، والثاني طبعاً خونة الأوطان، وما أكثرهم هذه الأيام، فهذان أمران هامان لتواصل إسرائيل مشروعها في التقسيم أولاً، ثم ضم ما تم تقسيمه إلى دولتها تحت حجج كحماية الأقليات من الأغلبية، بعد «طلب» الأولى ذلك من إسرائيل، وبالتأكيد فإن هناك تنسيقاً مسبقاً بين تلك الأقليات وإسرائيل، وهو ذات الأمر الذي سمح لإيران فيما مضى من التدخل في سوريا بطلب من نظام بشار الأسد.

وهذا ما نراه الآن من بعض من طائفة الدروز التي تطلب الحماية من إسرائيل، والتي لم تتوانَ الأخيرة في ذلك، بل إنها منتظرة هذا الطلب بفارغ الصبر، على اعتبار أن لهذه الطائفة امتداداً في إسرائيل التي تضم بعضاً من أبنائها في جيشها، لذلك لا غرابة أن تسارع إسرائيل في الدفاع عنهم، ونفس الأمر ينطبق على العلويين، أو على الأكراد، أو أي أقلية أخرى موجودة في تلك البقعة، سواء في سوريا أو العراق التي قد يأتي دورها لاحقاً إن نجح الأمر في سوريا.

بمعنى آخر، إن الشعب السوري هو الآن الجدار الحامي بعد الله تعالى لإفشال المشروع الإسرائيلي في تقسيم سوريا، وأن هذا الشعب مطالب بتوحيد صفوفه في هذا الوقت الحرج أكثر من أي وقت آخر، والوقوف خلف قيادة بلاده برئاسة أحمد الشرع، وعدم السماح لأي خلافات طائفية أو عرقية تنال من وحدتهم، حتى لا تصل تلك الخلافات إلى مرحلة تقسيم سوريا إلى دويلات ومكونات عرقية أو طائفية، وهو ما تبحث إسرائيل عن تنفيذه، ليكون عاملاً مساعداً كبيراً لتحقيق دولتها الكبرى، وعلى الشعب السوري أن يتذكر جيداً أن بيده خيار تقسيم بلاده، وبيده أيضاً فشل ودحر هذا التقسيم، الذي تعتبر نقطة انطلاقة هو الخلاف والاقتتال بين مكونات الشعب، فهل يعي الأشقاء السوريون خطورة ذلك؟