التهاب البنكرياس هو حالة التهابية تصيب نسيج البنكرياس نتيجة تفعيل الإنزيمات الهضمية داخله بدلًا من تنشيطها داخل الأمعاء، ما يؤدي إلى "هضم ذاتي" لأنسجة البنكرياس، فيسبب التورم، والألم، وتلف الخلايا، وفي الحالات الشديدة، يمكن أن تتأثر الأعضاء المجاورة أو تحدث مضاعفات جهازية مثل فشل الأعضاء.
متى يحدث التهاب البنكرياس؟
في الوضع الطبيعي يفرز البنكرياس إنزيمات في صورة غير نشطة وتُفعّل فقط داخل الإثني عشر، وعند الالتهاب يحدث تفعيل مبكر لهذه الإنزيمات داخل البنكرياس نفسه، فتبدأ الإنزيمات بهضم خلاياه، ما يؤدي إلى التهابه.
أنواع التهاب البنكرياس
التهاب البنكرياس نوعان، الأول التهاب البنكرياس الحاد الذي يظهر فجأة، وقد يستمر لبضعة أيام. وقد يكون خفيفًا أو مهددًا للحياة، وهو يحدث غالبًا نتيجة لحصى المرارة أو تناول الكحول.
والنوع الثاني (التهاب البنكرياس المزمن) وهو التهاب مستمر أو متكرر يؤدي إلى تليف البنكرياس وفقدان وظيفته بشكل تدريجي، ويرتبط غالبًا بالكحول، والطفرات الوراثية، أو أمراض مناعية.
أسباب التهاب البنكرياس
تتعدد أسباب التهاب البنكرياس، ومن أهمها:
حصوة المرارة التي تسد القناة البنكرياسية أو القناة الصفراوية المشتركة، ما يمنع تصريف العصارات الهضمية ويؤدي إلى تراكمها داخل البنكرياس، كذلك تناول الكحول قد يسبب أيضًا حالات حادة.
فرط شحوم الدم، فعند ارتفاع الدهون الثلاثية في الدم، تتراكم الأحماض الدهنية الحرة، وهي مواد سامة تهيج البنكرياس.
فرط كالسيوم الدم، فقد ينشّط الإنزيمات البنكرياسية داخل الغدة قبل إفرازها.
العدوى، فبعض الفيروسات قد تسبب التهاب البنكرياس، منها فيروس النكاف، فيروس التهاب الكبد، فيروس نقص المناعة.
أعراض التهاب البنكرياس
تختلف أعراض التهاب البنكرياس حسب نوعه، ففي النوع الحاد تتمثل الأعراض في ألم شديد في الجزء العلوي من البطن، الغثيان والقيء، الحمى (ارتفاع درجة الحرارة)، تسارع ضربات القلب، الإرهاق والضعف العام، انتفاخ البطن.
أما الالتهاب المزمن فتتمثل أعراضه في ألم مزمن أو متكرر في الجزء العلوي من البطن، فقدان الوزن غير المبرر، إسهال أو براز دهني، فقدان الشهية، أعراض داء السكري (عطش، تبول مفرط، تعب)، نقص في امتصاص الفيتامينات.
مخاطر التهاب البنكرياس الحاد
في حالة التهاب البنكرياس الحادة تتمثل المخاطر في احتمالية حدوث النكروز البنكرياسي، وفيه تموت أنسجة البنكرياس بسبب الالتهاب الشديد؛ وقد يُصاب النسيج بالنخر المعقم أو بالعدوى ما يستدعي الجراحة.
وقد يحدث الخراج البنكرياسي، وهو تجمع صديدي ناتج عن عدوى في نسيج البنكرياس، يتطلب تصريفًا جراحيًا أو بالموجات فوق الصوتية.
متلازمة الضائقة التنفسية الحادة، وهو أحد أخطر المضاعفات، يحدث نتيجة تسرب الإنزيمات إلى مجرى الدم وتأثيرها على الرئتين.
مخاطر التهاب البنكرياس المزمن
من أهم مضاعفات التهاب البنكرياس المزمن حدوث داء السكري الثانوي، بسبب تدمير الخلايا المنتِجة للإنسولين في البنكرياس.
تكلس البنكرياس، وهو شائع في الحالات المزمنة، ويظهر في الأشعة على شكل ترسّبات كلسية تؤثر على وظيفة الغدة.
زيادة خطر الإصابة بسرطان البنكرياس، فالالتهاب المزمن طويل الأمد عامل خطر رئيسي للإصابة بسرطان البنكرياس.
وفي الحالات المتقدمة قد يحدث نزيف داخلي قد يحدث نتيجة تمزق الأوعية المجاورة بسبب تآكلها بإنزيمات البنكرياس.
تشخيص التهاب البنكرياس
يتم التشخيص بعدة طرق من بينها: مراجعة التاريخ المرضي والفحص السريري، إلى جانب التحاليل المخبرية مثل الأميلاز، الليباز، تعداد الدم الكامل، اختبارات وظائف الكبد، الكالسيوم.
إلى جانب الفحوصات التصويرية مثل: الأشعة الصوتية، التصوير المقطعي المحوسب، التصوير بالرنين المغناطيسي.
علاج التهاب البنكرياس الحاد
في حالة الالتهاب الحاد يتمثل العلاج في السوائل الوريدية، الراحة الهضمية، خفض الحرارة ومراقبة العلامات الحيوية، التحكم بالغثيان، أو إزالة حصى المرارة.
وفي حالة حدوث الخراج أو النكروز يكون العلاج مضادات حيوية وتصريف جراحي أو تنظيري.
أما الكيسة الكاذبة الكبيرة أو المؤلمة يكون العلاج تصريف جراحي أو تنظيري إذا لم تنحل تلقائيًا.
علاج الالتهاب المزمن
في حالة التهاب البنكرياس المزمن يتم استخدام إنزيمات البنكرياس البديلة، ومسكنات للألم، وعلاج السكري، واتباع نظام غذائي خاص، مع التوقف عن الكحول والتدخين، أما انسداد القناة البنكرياسية فيتم التوسيع بالقسطرة أو تركيب دعامة.
بينما في حالة الكيسات المزمنة الكبيرة يستدعي الأمر تصريفًا تنظيريًا أو جراحيًا.
وفي حال حدوث ألم مزمن غير مستجاب للعلاج يجب استئصال جزئي للبنكرياس أو تحوير الأعصاب.