د. سهير بنت سند المهندي


ليس كل قرار يُقرأ من عنوانه، فبعض القرارات تُصاغ لتكون انعكاساً لرؤية أعمق من الهيكل والتنظيم، ومن هذا الباب، يبرز قرار إنشاء لجنة المرأة في المجال الإعلامي، برعاية كريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله، كتعبير ناضج عن إيمان وطني بأن صورة المرأة ليست تفصيلاً هامشياً، بل جزءاً أصيلاً من هوية المجتمع.

هذه اللجنة، بتشكيلها الشامل بين الإعلام الرسمي والمدني والرقمي والأكاديمي، لا تُجسّد مجرّد هيكل، بل مشروعاً فكرياً عملياً يتجاوز التمثيل الشكلي، إلى مساءلة جادة للمحتوى الإعلامي، وطريقة تقديم المرأة في البرامج، والدراما، والمقالات، وحتى في فضاءات التواصل الاجتماعي. فالإعلام لا يعكس الواقع فحسب، بل يعيد تشكيله، والصورة الذهنية للمرأة ليست انعكاساً بريئاً، بل رسالة تُبنى، وتُحمل، وتؤثر.

من هنا، تأتي أهمية هذه اللجنة كغرفة تفكير لا كواجهة، كمساحة لتحليل الواقع، واقتراح أدوات التطوير، والتدريب، والشراكة مع المؤسسات الإعلامية، من أجل صورة أكثر عدالة للمرأة البحرينية، تمثّلها بصدق لا بزينة، وتركّز على حضورها الفكري والعملي لا على مظهرها أو أدوار نمطية متكررة.

وراء هذا القرار، تقف إرادة سياسية واضحة، تجسّدها صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله، التي عوّدتنا على أن النجاح الحقيقي يبدأ من التفاصيل، وأن التمكين ليس فقط في منح المساحة، بل في بناء القدرة على صياغة الذات والرسالة، هذه المبادرة ليست لحماية المرأة، بل لتمكينها من أن تكون صانعة لخطابها، لا موضوعاً في خطاب غيرها.

إننا أمام مشروع يعيد التفكير في العلاقة بين المرأة والإعلام، المرأة البحرينية لم تعد تنتظر أن تُقدَّم، بل باتت تطمح لأن تُعبّر، وتكتب روايتها بنفسها، وتشارك في قيادة المشهد الإعلامي، لا في الظهور فيه فقط، إنها لحظة دقيقة نحتاج فيها إلى محتوى جديد، لا يُجمّل الواقع بل يُنصفه، وإلى خطاب يُظهر المرأة بوعيها وإسهامها، لا فقط بوجودها.

وإذا نجحت اللجنة في ربط رؤاها بالمؤسسات الإعلامية، وتفعيل برامج تدريب وتنسيق فعلي، فإنها ستكون خطوة نوعية نحو مشهد إعلامي أكثر توازناً، تعكس فيه المرأة البحرينية قوتها الفكرية، وتجاربها الغنية، وتطلعاتها الحقيقية.

فلماذا لجنة المرأة في الإعلام؟ لأن البحرين ترى في الإعلام مسؤولية لا حياداً، ولأن القيادة تؤمن بأن التمكين لا يكتمل إلا حين تمسك المرأة بصورتها، ولأن صاحبة السمو الملكي، كما عهدناها، تصنع الفرق من حيث لا يلتفت الكثيرون... من حيث تبدأ التغييرات الحقيقية: في عمق الصورة، ودقة المعنى، وعدالة الحضور.

* إعلامية وباحثة أكاديمية