مثل لقاء معالي وزير الداخلية مع أهالي الرفاع الغربي، مؤخراً، أكثر من مجرد زيارة بروتوكولية أو اجتماع رسمي، حيث حمل في طياته رسائل تتجاوز المكان والزمان، فقد كان اللقاء الذي حضره سمو محافظ المحافظة الجنوبية وعدد من المسؤولين، تجسيداً فعلياً لتوجيهات جلالة الملك المعظم، بضرورة تعزيز التواصل بين المسؤولين والمواطنين في مختلف المناطق، وفق نهج الشراكة المجتمعية التي تقوم على الاحترام والإصغاء لنبض الناس وهمومهم وآمالهم.ما لفتني شخصياً في اللقاء، أنه لم يكن مقتصراً على القضايا الأمنية أو المشاريع الخدمية، حسب طبيعة اللقاءات بين المسؤولين والمواطنين، بل تناول الحديث إلى ما هو أعمق من ذلك، الهوية البحرينية، حيث شدد الوزير على أن التقاليد ليست مجرد طقوس نمارسها في المناسبات، بل تمثل حائط الصد الذي يحمي نسيجنا الوطني، والمدخل الحقيقي لتعزيز الانتماء، والبوابة التي نعرف من خلالها العالم على من نكون.وكم كانت مهمة ولافتة تلك الإشارة إلى المجالس الأهلية، حين وصفها معاليه بأنها «مدارس للنشء»، حيث يتعلم الأبناء كيف يحترمون الكبار، ويصغون بتهذيب، ويستوعبون معنى العادات، ويتعلمون «السنع» كما عاشه الآباء والأجداد، حيث كانت هذه المجالس على الدوام، ولا تزال، منصات تربوية تنقل القيم وتشكل وعينا الوطني.كما أن حديث الوزير عن تمسك الأهالي بالموروث البحريني، يمثل إشادة بروح أصيلة تسكن أهالي الرفاع، بل وكل مناطق البحرين، وتعكس وجهاً مشرقاً لوطن اختار أن يتطور دون أن يتنكر لتاريخه وقيمه وعاداته وتقاليده، وما عبر عنه الأهالي من ولاء واعتزاز بالعادات والتقاليد، كان بمثابة جواب وطني بليغ لكل من يتساءل عن سر تماسك البحرين وأمنها واستقرارها.الزيارة مثلت في مجملها تذكيراً بأن الهوية الوطنية في عمقها تمثل ممارسة نعيشها يومياً في كل شيء، فكلما تمسكنا بتقاليدنا كلما ازددنا قوة، لأن الوحدة الحقيقية لا تبنى على التشابه في الرأي، بل على الانسجام.ومع تنامي التحديات، تظهر أهمية تعزيز القاعدة الوطنية الصلبة التي تحدث عنها الوزير، والتي تقوم على ترسيخ الانتماء والولاء، وتغليب روح الجماعة على النزعة الفردية، وحماية السلم الأهلي بكل ما أوتينا من حكمة وتسامح.في النهاية، ليست التقاليد عبئاً على التقدم، بل هي أحد أهم أركانه، وما شاهدناه في هذا اللقاء هو تأكيد على رؤية البحرين الوطنية بأن التنمية لا تنجح ما لم تحمل احترام الإنسان وهويته في جوهرها، وأن أمن المجتمعات لا يصان بالقانون فقط، بل بتعزيز الأخلاق والتقاليد والانتماء.تقاليدنا ليست حكايات من الماضي، بل هي روايتنا المستمرة.. وهي ما يجعل البحرين دائماً أجمل وأكثر تماسكاً وأمناً.
هيفاء عدوان
Opinion
الهوية البحرينية في لقاء وزير الداخلية
02 أغسطس 2025