ليس غريباً أن تمتد جسور التعاون بين البحرين والسعودية، فهما شقيقتان في كل شيء: التاريخ، الرؤية، والمستقبل. لكن ما شهدناه مؤخراً من توقيع مذكرة التفاهم بين صندوق العمل «تمكين» البحريني وشركة «تكامل القابضة» السعودية، يمثل تحوّلاً نوعياً في شكل هذا التعاون؛ إذ لم يعد الأمر تبادل زيارات أو نوايا مشتركة، بل نقل فعلي لخبراتٍ رائدة نشأت من رحم الخليج.. ومنّا وفينا.
«تكامل» لم تأتِ من بعيد. لم تحمل معها وصفات معلبة من مكاتب استشارية غربية، بل جاءت بتجربة حقيقية وناجحة من داخل المملكة العربية السعودية، تجربة استطاعت أن تُعيد تشكيل سوق العمل السعودي، وتُحدِث أثراً ملموساً في التوظيف، وتنمية المهارات، وتمكين الكفاءات. واليوم، هذه التجربة تُنقل إلى البحرين، لا كنسخة مكررة، بل كنموذج يمكن تكييفه محلياً.. وهنا تكمن القوة.
أن نتعاون مع أشقائنا السعوديين لنستفيد من هذه النماذج هو أمر يُسعدنا كمواطنين بحرينيين، لا لأنه دعم خارجي، بل لأنه دعم ذاتي.. خليجي.. صادق. فالخبرات السعودية، التي أصبحت اليوم تُصنَّف ضمن المرجعيات الإقليمية في التحول الرقمي، باتت بين يدينا، ونضعها في خدمة المواطن البحريني.
هذه المذكرة لا تنقل برامج فحسب، بل تنقل روحاً جديدة للعمل المشترك، تقوم على الثقة، والمعرفة المتبادلة، واعتبار «تمكين» و«تكامل» شريكين في بناء سوق عمل خليجي أكثر نضجاً وكفاءة.
وفي وقت تتسابق فيه الدول لاستيراد التجارب، نحن اليوم –بحمد الله– نستورد من أنفسنا، نمد أيدينا لما حولنا، ونُدرك أن الخبرة التي تشبهك، تفهمك أكثر.. وتخدمك أفضل.
كل التوفيق لهذا التعاون النوعي، ولكل من يوقن أن الحلول الكبرى.. تبدأ من الداخل.