الجهود الدولية المبذولة بشأن إنقاذ غزة من براثن إسرائيل غير كافية أبداً، والتحركات التي أبدتها الدول الغربية بالذات ينقصها الحسم والجدية في اتخاذ قرارات كفيلة لإنقاذ ما يمكن ما يمكن إنقاذه، وتحديداً المجاعة التي عظمت شدتها في غزة.
ويعاني أهل غزة الآن كثيراً في ظل حرمان إسرائيل من إدخال المساعدات الإغاثية لغزة، أو التلكؤ في إدخالها أو حتى إدخال الشيء اليسير منها، والتي لا تفي أبداً حاجة الشعب الفلسطيني في غزة، الذي تصل فيه حد المعاناة من الجوع إلى ما لا يمكن أن يطيقه أو يتحمله بشر، في حين نجد العالم الغربي بطيئاً في تحركاته، ومقل في جهوده، ومتخلِ نوعاً ما عن مسؤولياته في إنقاذ أهالي غزة.
ولعل تلك الجهود الدولية المبعثرة أو المتعثرة ليس بسبب قلة إمكانيات أو دعم، بل بسبب سكوت العالم الغربي عن الوحشية الإسرائيلية في التعامل مع أهالي غزة، وإصرارهم على إلقاء اللوم على منظمة «حماس»، المتهمة بسرقة المواد الإغاثية وبيعها على الفلسطينيين، ولو فرضنا صحة هذه الأعذار، وإنها حقيقة بالفعل، فلماذا لا يتم إدخال تلك المساعدات للشعب في غزة بإشراف من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة؟، لضمان عدم سرقة تلك المساعدات من قبل «الحمساويين» من جهة، وضمان وصولها للشعب من جهة أخرى، وبذلك تتلاشى المجاعة من غزة، وهذا من أبسط حقوق أهلها.
ولكن ليس الأمر كذلك، فالعالم الغربي المتحضر يعلم جيداً أن إسرائيل هي من تعطل وصول المساعدات لأهالي غزة، وهي من تحاول تجويع الشعب الفلسطيني هناك، وإذلالهم بهدف إجبارهم على الرحيل من أرضهم، والتخلي عنها، باستخدام «سلاح التجويع»، الذي لا يقل فتكاً عن الأسلحة التقليدية المعروفة، ومع كل ذلك «العلم» يبقى هذا العالم يخشى حتى اتهام إسرائيل بما تفعله في غزة، وإن جاء الاتهام من أحد ممثلي تلك الحكومات الغربية فإنه قد يأتي على استحياء غريب، وكأن الغرب يخشى «خدش» مشاعر إسرائيل إن نُطقت شهادة حق ضدها، وضد تصرفات حكومتها المرفوضة في التعامل اللاإنساني في غزة.
وهناك أسئلة هامة تفرض نفسها الآن بعد زيارة ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي إلى فلسطين مؤخراً، وهي: هل ستتغير الأوضاع في غزة بعد تلك الزيارة؟ وهل ستنجح خطة الرئيس الأمريكي في إنهاء الحصار على غزة والمفروض من إسرائيل؟، وهل ستسمح هذه الأخيرة بإدخال المزيد من المساعدات الإغاثية لغزة بعد زيارة ويتكوف؟ وهنا لن نستعجل الإجابات، ولكننا وبحسب المشهد على أرض الواقع، فإن الولايات المتحدة تحتاج لأن «تثبت» ما تدعيه من حرص على إنهاء الحرب في غزة، والسماح بإغاثة الأخوة الفلسطينيين فيها بأسرع وقت.