مدينة النور التي لطالما جذبت ملايين الزوار من متحف اللوفر إلى كاتدرائية نوتردام، تواجه اليوم أزمة تتجاوز السياحة والذوق الفرنسي الرفيع، لتصل إلى جوهر الاقتصاد الفرنسي المتآكل.وفقًا لتقرير قناة «العربية بزنس»، تشهد فرنسا أعلى معدل إغلاق للشركات منذ عام 2013، حيث تُغلق يوميًا نحو 60 شركة وسط ارتفاع تكاليف الطاقة والتضخم المتصاعد. هذا الواقع يضعف ثقة المستثمرين ويزيد من معدلات البطالة، خصوصًا بين الشباب.وفي ظل هذا الواقع الذي يبعث على القلق، تبدو الحاجة ماسّة إلى رؤية اقتصادية شاملة تُنصت لحقيقة التحديات وتستوعب تعقيداتها. الإصلاحات المطروحة، رغم نواياها الطيبة، لا تزال خجولة أمام عمق الأزمة، ما يجعل من الصعب عليها أن تلامس الجذور البنيوية للمشكلة. هذا التردد في التحرك الجذري قد يُفقد الكثيرين شعورهم بالثقة في قدرة السياسات الحالية على بناء أرضية أكثر صلابة للمستقبل.ولعل أكثر ما يدعو للتأمل هو الهوّة التي بدأت تتسع بين طموحات المجتمع الفرنسي في الحفاظ على نموذج الرفاه، وبين مقتضيات سوق تتغير بوتيرة متسارعة. في خضم هذه المفارقة، تظهر أهمية بناء جسور حوار هادئ وشفاف بين الدولة والمجتمع بكل فئاته، وخصوصًا الشباب، الذين يستحقون أن تُصغى تطلعاتهم وتُحتضن طاقاتهم في سياق يضمن لهم الأمان الاقتصادي والفرص العادلة.فرنسا التي لطالما كانت رمزًا للرقي والاستقرار، تقف اليوم على مفترق طرق. هل ستتمكن من استعادة مكانتها الاقتصادية، أم ستظل السياسات غائبة، مما يهدد ليس فقط مستقبلها بل استقرار الاتحاد الأوروبي بأكمله.. وبطبيعة الحال الخلل الأوروبي سينعكس بظلاله على الوضع العربي؟!!كل أزمة تحمل في طياتها بذرة للنهضة، ويظل الأمل معقودًا على إرادة سياسية واعية تضع مصلحة الشعب والاقتصاد أولاً.
may.abdulaziz@hotmail.com
Opinion
اقتصاد فرنسا بمهب الريح في عز أغسطس
06 أغسطس 2025