فيصل الشيخ


في يوم الشباب العالمي، طبيعٌي احتفالنا بالمبدعين منهم، وأن ندعم توجه بلادنا الغالية في تمكينهم. لكن أيضا علينا تشخيص واقع معين، وأن نصفه بوضوح، وأعني به، ذاك الذي يكشف، بأن هناك من يبني، وهناك من يهدم. والفرق واضح لمن يريد يتمعن.نسمع ونقرأ في كل مناسبة شبابية كما من التصريحات والإشادات، حتى صرنا نحفظ مضامينها الموسمية.

لكن حين ننظر لبعض هذه التصريحات وأصحابها، ونقارن القول بالواقع الفعلي المطبق، نجد التناقض الفاضح والمخجل.

والحق يقال طبعاً، إذ هناك قياديون ومسؤولون يعملون بإخلاص، يفتحون الأبواب أمام الشباب، ويؤمنون بأن نجاحهم هو نجاح للوطن، فيبنون القدرات ويخلقون الفرص. هؤلاء هم رأس المال البشري الذي يجب أن تحرص الدولة على بقائه في مواقع القرار.

في المقابل، هناك من يحتكرون القرار، يضعون العراقيل، ويقتلون الحماس بلا تردد. يتحدثون عن تمكين الشباب، لكنهم في الواقع لا يمكنون إلا بطانتهم، بينما يتم تهميش المبدعين والمخلصين والمجتهدين. هؤلاء لا يرون في المناصب وسيلة لخدمة الوطن، بل أداة للسطوة، حتى وإن كان ذلك على حساب طموح جيل كامل.

المضحك أن بعض هؤلاء الإداريين هم أول من يظهر في وسائل الإعلام خلال المناسبات ليكرروا نفس الشعارات التي رسخها القادة الكبار واضعو التوجهات الذكية بشأن تمكين ودعم الشباب. تلك النوعية من الإداريين يتسابقون لكسب النقاط الإعلامية، بينما واقع إداراتهم يقول العكس تماما. هذا هو النفاق الإداري الذي يفرغ الرؤى من مضامينها، ويشوه صورة الإنجازات الحقيقية.

تمكين الشباب ليس خياراً تجميلياً، بل واجب وطني. ومن لا يؤمن به، أو يعرقله، يجب تغييره، لأن بقاءه في موقعه يعني إهدار فرص الوطن قبل فرص الشباب. فالقادة الكبار وضعوا الرؤية بوضوح، والمسؤولية على كل جهاز وقطاع لتطبيقها بصدق، لا ببيانات وتصريحات فقط.

الدولة تؤمن بالشباب، وتستثمر فيهم، وتفتح أمامهم الأبواب. لكن في بعض المكاتب، هناك من يغلق هذه الأبواب بالمفتاح، ثم يقف على المنصة ليحدثنا عن ”تمكين الشباب". التمكين ليس صورة جماعية ولا كلمة في تصريح. التمكين يعني أن تترك الشباب يعملون، أن تزيل العراقيل بدل زرعها، أن تكافئ الكفاءة بدل حصارها.

مشكلتنا هنا أن بعض المسؤولين يتحدثون بلغة القادة، لكنهم يتصرفون كحراس بوابة لا يفتحونها إلا لمن يصفق لهم. وهؤلاء، مهما كان منصبهم، هم العقبة الحقيقية أمام رؤية الوطن.

إذا أردنا مستقبلاً مستداماً، فلا يكفي أن نمكن الشباب، بل علينا أولاً أن نزيح كل من يقتل حماسهم، ويعطل طموحهم، ويظن أن الكرسي أغلى من الوطن.