السلاح الحزبي اللبناني أمره انتهى، بقرار لبناني عربي دولي، فإما تسليم السلاح للدولة اللبنانية، أو تركه لإسرائيل لتفجره، هذه خيارات حزب الله الآن.

أما بقاء السلاح لدى الحزب فلم يعد خياراً، حزب الله له أن يختار الجهة التي سيؤول لها السلاح فحسب، وأن يتقبل ويرضى ويقبل استحقاقات الدولة اللبنانية، أي قبول مساواة كوادره وأعضائه ببقية اللبنانيين.

كل الأعذار التي يتذرع بها الحزب رافضاً القرار اللبناني الوطني، لم تعد مجدية أو مقنعة لأحد حتى لنفسه، فلا الاتهامات التي يرميها الحزب على الحكومة بأن ذلك قرار إسرائيلي أو أمريكي أو أجنبي يجدي نفعاً، ويحول بينها وبين تسليمه، فتلك رغبة شعبية لبنانية عبر عنها اللبنانيون مباشرة أو عبر نوابهم وبكل الطرق، أو الحجة والواهية بالادعاء بأن بقاء السلاح في يد الحزب مسألة عقائدية ودينية، أو أنه لحماية لبنان.. إلخ كلها أعذار لم تعد صالحة للاستهلاك.

الواقع المعروف أن «حزب الله» يرفض تسليم السلاح للدولة؛ لأن إيران ترفض ذلك، هذا ما أكد عليه وزير خارجية إيران عباس عراقجي، وذلك لأن إيران ليست جاهزة، الوقت مرهون بحاجة ومصلحة إيران، وليس مصلحة شيعة لبنان.

إيران تعد العدة للمرحلة القادمة التي ستحتاج فيه إلى عامل مساعد تتفاوض به ولا يتأتى هذا العامل المساعد إلا بزعزعة أمن لبنان للمساومة عليه في مفاوضاتها، الورقة التي تريد أن تحتفظ بها إيران هي أمن لبنان أو أمن إسرائيل من الجبهة اللبنانية بالأصح بعد أن خسرتها من الجبهة السورية.

إنما ما يقفز عليه الحزب، وتقفز عليه حتى إيران أمر مستجد لم يؤلف بعد وهو تقلص الحاضنة الشعبية الشيعية للحزب والتأييد المطلق له.

الحاضنة الشعبية دفعت ثمناً غالياً هذه المرة خسرت به بيوتها ومصادر رزقها ومصالحها ثم وجدت نفسها بلا راعٍ وممول، بلا سقف بلا خدمات، وحين طلبت من الحزب أن يعوضها خسائرها بعد الحرب الإسرائيلية رد عليها الحزب الدولة هي من سيعوضكم، هنا في هذه اللحظة انقطع الحبل السري وانكشف الغطاء عن جدوى الانتماء الحزبي وتقلص الإمداد العددي، ولم يبقَ له سوى عدد قليل من (الزعران أصحاب الموتوسكيلات) فشهدت الحاضنة الشعبية الرفض العلني للعديد من الشيعة لسياسة الحزب الذي أصبح أمراً مألوفاً ولم يكن كذلك قبل عام من الآن، تلك أكبر تحديات حزب الله في المواجهة القادمة مع الدولة، فعلى من سيسند موقفه السياسي الرافض لتسليم السلاح؟

أما قناعته بأن أغلبية اللبنانيين معه فهي نكتة، لأنه لم يعد يضمن حتى أغلبية الشيعة، إنما المؤسف أنه يهدد اللبنانيين بالحرب الأهلية والدمار إن فكروا بتجريده من سلاحه، ويصمت ولا يحرك ساكناً إن هدده الإسرائيليون، بل ونفذوا تهديداتهم، وهنا المفارقة الساخرة التي لا تنسجم مع مقولة إن هذا السلاح وطني ولخدمة لبنان.