د. سامح بدوي
الإدارة التربوية هي الجهود التي تهدف إلى تنسيق الأعمال وتحقيق الأهداف باستخدام أدوات تتوافق مع المتغيرات والمستجدات الآنية. وكلما ارتقت هذه الأدوات، حققت المؤسسات الريادة. ولعل من أهم تلك الأدوات: الذكاء الاصطناعي بتطبيقاته المختلفة، التي باتت التوأمة بينها وبين التعليم أمراً حتمياً، شئنا أم أبينا. فلم يعد خياراً بقدر ما أصبح واقعاً، حتى وإن انتفى وعي الإدارات المدرسية بأهميته، سواء بعدم القناعة أو تدني القدرة على توظيفه. فإن لم يُدمج في الأنماط الإدارية، فهذا يعني انفصال هذه النظم عن الواقع وعن متطلبات الحياة، مما يؤدي إلى مزيد من التراجع.
لذا، يجب تحقيق الربط بين تسيير الأعمال وبين تلك التطبيقات وهذا العلم. وحين تستهدفه القيادة التربوية، فهذا يعني تمكّنها من لغة العصر، وتجاوز البرمجة الحاسوبية إلى التطبيقات الذكية التي تخفف الكثير من الأعباء عن كاهل الإدارات، وتتيح لها فرصة التطوير، وتحقيق الكثير من المهام التي تستنزف الوقت والجهد، وتقنين الهدر الزمني في المتابعة، حيث يدعم - بأدواته المختلفة - تحليل واستخلاص بيانات رقمية مهولة في لحظات، وتحليل الواقع المدرسي، وتوفير المقارنات والنتائج الدقيقة التي تدعم اتخاذ القرار، وتحليل الأنماط الإدارية بسرعة ودقة، وإعطاء الكثير من الخيارات أمام القيادة المدرسية للعمل، وتوظيف منهجية البحث التجريبي، وحل المشكلات، وغيرها من الإسهامات والأساليب في فنون الإدارة الذكية المستهدفة. فليس من المنطقي أن تقضي الإدارات المدرسية أياماً أو أسابيع في أعمال روتينية يومية يمكن إنجازها في دقائق، فالواقع يعني تفرغ تلك الإدارات للجودة الحقيقية القائمة على بنائية التعليم وبنائية التعلم، وقياس مدى قدرة المتعلم النشط على بناء المعرفة بنفسه، وهذا لُبُّ العملية التربوية وهدفها الاستراتيجي.
وللعلم، لا تُعد هذه الذكاءات بديلاً عن الذكاء البشري أو منافساً له، بقدر ما هي أدوات داعمة تهيّئ مراحل متقدمة من جودة العمل، وتضمن مستوى عالياً من الدقة والكفاءة الإدارية، وتعمل على تبسيط الإجراءات، والتخلص من الروتين المقيت داخل المؤسسات والمدارس، والقضاء على المركزية والبيروقراطية.
وبغضّ النظر عن براغماتية هذا التوجّه، فإنه يُعد من أبرز العوامل التي تدفع بالعملية الإدارية خارج إطار النمطية. فمن لم يسعَ إلى الريادة، سيتراجع. وأخيراً، لكي تتصدّر المؤسسات، لا بد أن تتوافق مع تلك المستجدات.