الأفضل أن يبقى الجو في البحرين ربيعياً معتدلاً ظريفاً لطيفاً، لكنه ليس كذلك مع الأسف، لا في البحرين ولا في غيرها، حيث تشهد العديد من دول العالم، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط، موجات حرارة متزايدة بفعل التغير المناخي، ما يترك أثراً مباشراً ومتنامياً على مختلف جوانب الاقتصاد، إلا أنه رغم التحديات التي تفرضها الحرارة العالية، هناك قطاعات ومشروعات يمكن أن تزدهر وتحقق ارتفاعا في المبيعات والأرباح في ظل هذا الواقع الجديد.من بين تلك المشروعات التي يمكن أن يوليها رجال الأعمال والمستثمرون في البحرين اهتماماً أكبر مشروعات الطاقة الشمسية، مثل إنشاء مزارع شمسية، وتركيب الألواح الشمسية للمنازل والمصانع، وغيرها.من المشروعات المرشحة لتشهد مزيداً من الطلب عليها في السوق البحريني أنظمة التبريد والتكييف، حيث يزداد الطلب على أجهزة التبريد الحديثة الموفرة للطاقة، والحاجة هنا لتصنيع أو تجميع مكيفات صديقة للبيئة، وصيانة وخدمات ما بعد البيع، يضاف إلى ذلك صناعات المياه والتبريد مثل تحلية المياه بالطاقة الشمسية، إنتاج الثلج، حلول تبريد للشحن والنقل، وغيرها.مواد وخدمات العزل الحراري للمباني تبدو حاجة أكثر إلحاحاً في ظل الارتفاع المستمر لدرجات الحرارة، في مشاريع الإسكان والبناء الجديدة أو تحديث المباني القائمة، وهي تسهم في خفض استهلاك الكهرباء وتحسين الراحة في البيئات الداخلية.ومع ارتفاع درجات الحرارة وتغير المناخ ترتفع الحاجة أيضا لأنظمة الزراعة الذكية والمائية بما في ذلك استخدام الزراعة بدون تربة (Hydroponics) أو البيوت المبردة، وبما يسهم في تقليل استهلاك المياه، وتحقيق إنتاج محلي مستدام.والحرارة العالية مع الأسف تحرمنا من الاستمتاع بالأجواء الخارجية، وتدفعنا أكثر نحو الأماكن المغلقة، وهنا تزداد الحاجة لمراكز ترفيه مغلقة، ومجمعات تجارية، وإقامة فعاليات داخلية، لتكون بدائل سياحية جاذبة في ظل حرارة الصيف المرتفعة.من المتوقع أن نشهد أيضاً طلباً إضافياً على خدمات الصحة والسلامة المهنية بما في ذلك تدريب العاملين في المهن الخارجية على التعامل مع الحرارة، توفير أدوات الحماية والتبريد، ولا ننسى أيضاً تطوير النقل الذكي والمظلل بما يحمله من فرص تجارية مثل إنشاء المزيد من محطات انتظار مظللة، ووسائل نقل مكيفة، وغيرها.ومن حسن الحظ أن التاجر أو الصناعي أو المستثمر الذي يفكر بإنشاء أو توسعة أعماله بأي من المشروعات السابقة، أو غيرها من المشروعات التي تلائم ارتفاع درجات الحرارة المستمر والمتوقع خلال السنوات القادمة، سيحظى بفرص أعمال جيدة، وبدعم حكومي ناتج عن تشجيع الحكومة لمشروعات الطاقة المتجددة والزراعة والأمن الغذائي وغيرها، كما يحظى أيضا بتسهيلات مصرفية مثل القروض الخضراء التي تمنحها البنوك للمشروعات التي تراعي البيئة.لقد شهدت البحرين بالفعل زيادات ملحوظة في درجات الحرارة خلال العقود الماضية، ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة، وأن نشهد عددًا أكبر من الأيام التي تتجاوز فيها الحرارة 45 درجة مئوية، وهذا سيحمل تأثيراً على الصحة العامة، خصوصاً للعمال في الأماكن المفتوحة، وكذلك على استهلاك الكهرباء وفعالية البنية التحتية، وفي الواقع، الحرارة المرتفعة تمثل تحديًا واضحًا للاقتصادات، لكنها تفتح في الوقت نفسه الباب أمام الابتكار وتغيير أنماط الاستثمار نحو مشاريع أكثر استدامة ومرونة.