في عصر أصبحت فيه الهجمات السيبرانية جزءاً لا يتجزأ من التهديدات اليومية عالمياً، انطلقت مملكة البحرين برؤية استباقية لبناء منظومة سيبرانية متكاملة، قادرة على حماية مكتسبات الوطن في الفضاء الرقمي، لترسخ بذلك مساراً وطنياً يضع المملكة في مصاف الدول الرائدة إقليمياً وعالمياً.

ويُعدّ المركز الوطني للأمن السيبراني نموذجاً ريادياً للعمل المؤسسي المنظم، حيث يشكّل خط الدفاع الأول ضد التهديدات الرقمية، ويعمل بكفاءة عالية لتعزيز جاهزية وأمن المؤسسات الوطنية، وتطوير القدرات التقنية، ونشر الوعي السيبراني على المستويين المجتمعي والمؤسسي. ويبرز ذلك من خلال البرامج التوعوية والتدريبية للطلبة وتأهيل الكفاءات الوطنية بما يضمن استدامة أمن الفضاء الرقمي، موسّعاً بذلك دوره من الجانب الفني إلى دور استراتيجي شامل، ليظل رائداً في رفع مستوى المناعة الرقمية الوطنية ونشر الوعي، مواكباً التحولات الرقمية ومتطلّعاً لمستقبل آمن يتماشى مع رؤية البحرين 2030.

ويتميز الموقع الإلكتروني للمركز بشموليته واهتمامه بأدق تفاصيل التوعية الرقمية، مع محتوى مخصص للأطفال لتعزيز سلامتهم على الإنترنت، وبرامج للشباب لتنمية المهارات الرقمية الآمنة، ومحتوى مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة والصم والبكم لضمان وصول المعلومات لهم واستفادتهم، «وهذا تفصيل دقيق يستحق الإشادة والتقدير»، وغيرها من أقسام للأخصائيين وأدوات عملية وروابط وطنية مفيدة، ليكون بذلك مرجعاً شاملاً ومتكاملاً للأفراد والجهات الرسمية، إلى جانب حساب الإنستغرام الذي يجسد رؤية المركز في ترسيخ ثقافة أمن سيبراني مستدامة وواعية.

ويستعد المركز لاستضافة المؤتمر العربي الدولي للأمن السيبراني والمعرض (AICS 2025)، برعاية صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وبالشراكة مع DEF CON، حيث ستشهد المملكة لأول مرة فعاليات DEF CON Villages التي تجمع الخبراء المحليين والدوليين، وتشمل مسابقات وتقنيات متقدمة في الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، والأنظمة الصناعية، بالإضافة إلى مختبرات تفاعلية للطلاب والباحثين والشركات الناشئة، ما يعزز مكانة البحرين كمركز إقليمي رائد.

وهنا تبرز المصارف الرائدة في مملكة البحرين دوراً استراتيجياً في دعم ثقافة الأمن السيبراني، من خلال مبادرات مبتكرة تستهدف مختلف الفئات العمرية، ما يكسبها ثقة العملاء وتجاوبهم. ونتطلع إلى استمرار هذه المؤسسات في طرح مبادرات هادفة تتجاوز النمط التقليدي للرسائل التحذيرية، بما يعزز مكانتها كمؤسسات مالية رائدة ملتزمة بدعم المجتمع.

إن هذا المقال يهدف لتسليط الضوء على جهود المركز الوطني للأمن السيبراني، وبيان أهمية الثقافة الرقمية، لبناء بيئة واعية تجعل الممارسات الآمنة جزءاً من الحياة اليومية، إذ إن الحماية الرقمية لا تكتمل إلا عندما يدرك كل فرد أن سلوكه الرقمي يشكّل خط الدفاع الأول عن وطنه، وأن وعي كل شخص يمثل جدار حماية إضافي، ومع كل رابط مشبوه يُساء التعامل معه يزداد الخطر.

وتظل المنظومة السيبرانية ركيزة وطنية للتقدم الرقمي، لكنها تتطلب وعياً مستمراً، مع تكاتف الوزارات والمؤسسات التعليمية والإعلام والقطاع الخاص، وغرس أساسيات الأمان الرقمي داخل الأسرة، وتدريب الأطفال، وتحفيز الشباب، إضافة إلى ضرورة طرح برامج توعوية أو مقاطع مبسطة لكبار السن لحمايتهم من الهجمات الإلكترونية. وبهذا الوعي المشترك، تتشكل حصانة رقمية وطنية متكاملة، ويصبح الأمن السيبراني جزءاً من ثقافة المجتمع.

وختاماً، نتقدم بالشكر لسعادة الشيخ سلمان بن محمد بن عبد الله آل خليفة، الرئيس التنفيذي للمركز، لإدارته الحكيمة ورؤيته الاستراتيجية التي أرست منظومة سيبرانية قوية ومتقدمة، وحرصه على استدامتها وتطوير ركائز الأمن السيبراني، والارتقاء بمكانة المركز وجهوده في حماية مكتسبات الوطن الرقمي، كما نثمن جهود فريق العمل من الكوادر التقنية والإدارية، الذين يعملون بكفاءة واحترافية على مدار الساعة لبناء بيئة رقمية آمنة وواعية، قادرة على مواجهة تحديات المستقبل.