في بحر النهضة البحرينية، ووسط حراك وطني متدفق بالإصلاح والرؤية، برز المجلس الأعلى للمرأة كنبراس مضيء، يشع على واقع المرأة البحرينية، ويقودها من ضيق التحديات إلى رحابة التمكين والاستقرار. منذ أن وُلد قبل أربعةٍ وعشرين عاماً بأمرٍ ملكي كريم من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، لم يكن مجرد مؤسسة عابرة، بل كان وعداً صادقاً بأن للمرأة البحرينية مكانتها، وأن صوتها سيجد الصدى، وأن أحلامها ستتحول إلى واقع تُصاغ ملامحه بتوجيهات القيادة ورعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.

لقد عاش المجتمع البحريني تحولاً حقيقياً، حين أدرك أن قضية المرأة ليست هامشاً في معادلة التنمية، بل هي المحور الذي تتكئ عليه عجلة التطوير. فالمجلس لم يكتفِ بالدفاع عن حقوق المرأة، بل جعل منها ركيزة وطنية، وصاغ بيئة آمنة مستقرة لا تخشى المرأة فيها من ظلمٍ أو تهميش، بل وجدت ذاتها محمية بحقوق راسخة، تنصهر في تشريعات وقوانين، وتترسخ في وعي المجتمع. ومن خلال هذا النهج، ارتقت المرأة البحرينية إلى مواقع القرار، وأصبحت شريكة في التنمية، وقوة اقتصادية وسياسية وثقافية لا يمكن تجاوزها.

إن مسيرة المجلس الأعلى للمرأة تشبه حكاية وطنية كُتبت فصولها بالإيمان العميق بقدرات المرأة والرؤية الثاقبة لجلالة الملك المعظم، الذي أراد أن تكون المرأة البحرينية في صدارة النهضة، شريكةً للرجل في بناء الدولة الحديثة. وبين برامج التمكين، وخطط النهوض، وشبكات الدعم الممتدة، تبدو المرأة البحرينية اليوم أكثر رسوخاً واطمئناناً، تعلم أن وراءها مؤسسة وطنية عريقة تسندها، وأنها ليست وحدها في مواجهة تحديات الحياة. لقد أعطى المجلس للمرأة شعورًا بالأمن والطمأنينة، وحولها من فئة كان يُنظر إليها كأقلية تبحث عن الاعتراف، إلى قوة مجتمعية متكاملة تفرض حضورها وتساهم في صناعة القرار.

وما بين الأمس واليوم، تحولت هذه المؤسسة من هيئة استشارية إلى كيان وطني جامع، جعلت مؤسسات الدولة جميعها، حكومية كانت أو خاصة، تخضع للتعاون معها، وتستلهم من رؤيتها خططها وسياساتها. لقد غدت بحق محور التنمية والتطوير، وعنوانًا وطنيًا مشرفًا يعكس صورة البحرين الحديثة، الأصيلة في قيمها، والمتقدمة في رؤيتها.

واليوم، إذ يحتفل المجلس الأعلى للمرأة بمرور أربعة وعشرين عاماً على تأسيسه، فإنه لا يستحضر مجرد ذكرى، بل يعيد إلى الأذهان إشعاع نهج وطني بلور جهود المرأة البحرينية، وأبرز دورها التنموي في النهضة الشاملة للدولة. إنها قصة قيادة ملكية حكيمة، ومؤسسة راسخة، ونساء صاعدات، قصة كتبتها البحرين بحروف من اعتزاز، لتقول للعالم إن نهضة الأوطان تبدأ من المرأة، وتستقر بها، وتكتمل بوجودها آمنة مطمئنة في وطن يحتضنها ويصون مكانتها.

* إعلامية وباحثة أكاديمية