احتفلنا مؤخراً بذكرى تأسيس المجلس الأعلى للمرأة، الذي يُعد إحدى ثمار الرؤية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم. حيث جاء هذا الكيان كمبادرة نوعية تهدف إلى ترسيخ الحضور الفاعل للمرأة البحرينية في المجتمع، من خلال إطار مؤسسي يدعم مسيرتها، ويعزز مشاركتها في مختلف القطاعات، بما يليق بتاريخها العريق وعطائها المستمر.

المرأة البحرينية لم تكن يوماً بعيدة عن مسار العمل الوطني، بل كان لها دور محوري في بناء الدولة الحديثة، حيث شاركت بفعالية في مختلف المجالات، وفي مقدمتها التعليم، إذ كانت من أوائل النساء في المنطقة اللاتي التحقن بالمدارس النظامية. وسرعان ما أصبحت معلمة وطبيبة ومربية للأجيال، فساهمت في تطوير منظومة التعليم والرعاية الصحية والعمل الاجتماعي، وأثبتت جدارتها على مستوى محلي وإقليمي.

هذه المسيرة الريادية انعكست على أرض الواقع من خلال منجزات مشهودة؛ حيث تولّت المرأة البحرينية مناصب وزارية رفيعة، وبرزت في السلك القضائي والدبلوماسي، وتولت مسؤوليات قيادية، بما في ذلك رئاسة مجلس النواب، وهي خطوة متقدمة وغير مسبوقة على مستوى دول الخليج. كما كانت حاضرة بقوة في القطاع الخاص، من خلال قيادة الشركات والمؤسسات، والمساهمة في صنع القرار الاقتصادي، إلى جانب أدوارها النشطة في مؤسسات المجتمع المدني والعمل التطوعي، مما جعلها شريكاً حقيقياً في عملية التنمية الشاملة.

ومن أبرز المحطات في هذه المسيرة المتميزة، يأتي الدور القيادي لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة جلالة الملك المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، التي شكّل دعمها المستمر ورؤيتها الاستراتيجية أساساً قوياً لتمكين المرأة. فقد أطلقت تحت قيادتها عدداً من البرامج والمبادرات التي شملت مختلف جوانب حياة المرأة، وأسهمت في تمهيد الطريق أمامها لتبوؤ المناصب القيادية في الدولة والقطاع الخاص، وصولًا إلى عضوية البرلمان وترؤسه، في تجربة تعكس عمق النضج السياسي في مملكة البحرين.

ولم يقتصر أثر هذا التمكين على المستوى المحلي، بل تجاوز ذلك إلى الساحة الدولية، مع إطلاق جائزة الأميرة سبيكة العالمية لتمكين المرأة، والتي تم اعتمادها ضمن منظومة الأمم المتحدة، في خطوة تؤكد ريادة البحرين وتجربتها المتقدمة في مجال تمكين المرأة، وتُعد مثالًا يحتذى به على مستوى العالم.

يحق للمرأة البحرينية أن تفخر بما تحقق لها من إنجازات، وأن تنظر إلى المستقبل بروح إيجابية مفعمة بالأمل والطموح. فقد ساهمت الإرادة السياسية الواعية، والدعم النوعي من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة، في ترسيخ مكانة المرأة البحرينية كرمز للتميز والنجاح في مختلف المحافل، محلياً وإقليمياً ودولياً.