الاستسقاء لغة طلب هطول المطر من الله عز وجل عند طول انقطاعه، وحكم صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة إذا أجدبت الأرض وقحط المطر. وأجمع العلماء أن الخروج إلى الاستسقاء والبروز والاجتماع إلى الله عز وجل خارج المصر بالدعاء، والضراعة إلى الله تبارك اسمه في نزول الغيث عند احتباس ماء السماء وتمادي القحط سنة مسنونة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا خلاف بين علماء المسلمين حولها.ويسن للإمام موعظة الناس وأمرهم بتقوى الله تعالى والخروج عن المظالم والتوبة من المعاصي وتحليل بعضهم بعضاً، والصيام والصدقة، وترك التشاحن، لأن المعاصي سبب القحط والتقوى سبب البركات، ويَعِدُ الإمام الناس يوماً يخرجون فيه لحديث عائشة رضي الله عنها «شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فَوُضعَ له في المصلى ووعد الناس يوماً يخرجوا فيه».والأفضل أن تُصلَّى صلاة الاستسقاء في وقت صلاة العيد، لحديث عائشة رضي الله عنها «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر» هذا هو الأفضل. وتُصلى صلاة الاستسقاء في الصحراء وهذا هو الأفضل لحديث عبدالله بن زيد المازني رضي الله عنه قال «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى فاستقبل القبلة، فجعل إلى الناس ظهره يدعو الله وحوّل رداءه حين استقبل القبلة ثم صلى ركعتين يجهر فيهما بالقراءة». ويسن أن يخرج الإمام والناس في تواضعٍ وتبذّلٍ وتخشّعٍ وتضرّعٍ، ويستحب الخروج لكافة الناس، وخروج من كان ذا دين وستر وصلاح، ولا يستحب إخراج البهائم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله.وصفتها أن يصلي بهم الإمام ركعتين كصلاة العيد يكبر في الركعة الأولى سبعاً وفي الثانية خمساً من غير أذان ولا إقامة، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله «ولا يسن لها أذان ولا إقامة، ولا نعلم فيه خلافاً».ويسن أن يخطب بهم الإمام خطبة بعد الصلاة ويجوز قبلها ويُكثر في الخطبة الاستغفار، وقراءة آيات فيها أمر بالاستغفار، ومن السنة أن يستقبل الإمام بعد خطبته القبلة ويحول ردائه ويدعو الله تعالى.ومن السنة أيضاً المبالغة في رفع اليدين عند الدعاء، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في دعاء الاستسقاء حتى يُرى بياض إبطيه، ويبالغ في رفع اليدين حتى يجعل ظهر كفيه إلى السماء.وعند الصلاة يحول الرداء عند استقبال القبلة والدعاء وتحويل الإمام لحديث عبدالله بن زيد بن عاصم المازني وفيه «خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي وحول رداءه، وظاهر السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حول ردائه عند إرادته الدعاء، ويدعو سراً حال استقبال القبلة، وكذلك الناس».والحكمة من تحويل الرداء التفاؤل بتحويل الحال عما هي عليه وظاهر قوله ويحول الناس أنه يستحب ذلك للنساء، قال الإمام عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله «إذا كانت المرأة تتكشّف عند تحويلها للرداء في صلاة الاستسقاء والرجال ينظرون إليها فإنها لا تفعل، لأن قلب الرداء سُنَّة، والتكشّف أمام الرجال فتنة ومحرّم، وأما إذا كانت لا تتكشّف فالظاهر أن حكمها حكم الرجل، لأن هذا هو الأصل وهو تساوي الرجال والنساء في الأحكام إلا ما دل الدليل على الاختلاف بينهما فيه».وأضاف «فإن سُقوا وإلا أعادوا الاستسقاء ثانياً وثالثاً، لأن الله يحبّ الملحّين في الدعاء، وهو أرجى للإجابة؛ ولأن الله يستجيب للإنسان إذا دعا ما لم يعجل، فيقول «قد دعوت فلم يستجب لي».ويسن للمسلم إذا رأى المطر أن يدعو الله تعالى، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال «اللهم صيِّباً نافعاً».وإذا نزل المطر فإنه يستحب له أن يكشف عن رأسه حتى يصيبه المطر، فعن أنس رضي الله عنه قال «أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر، قال فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال لأنه حديثُ عهدٍ بربه» ويسن أن يقول بعد نزول المطر «مطرنا بفضل الله ورحمته».وإذا كثرت الأمطار وخيف من الضرر فيسن للمسلم أن يدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام، والجبال والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر».