كتب - عبدالرحمن محمد أمين:عندما التقيت الصديق الفنان جعفر حبيب الخراز عادت بي الذاكرة إلى أيام خالدة في تاريخ البحرين، عندما كانت مملكتنا الغالية متصدرة في مجال الفن بأنواعه كالغناء والتمثيل، إلى جانب تفوقها في المجال الرياضي خصوصاً كرة القدم. كان ذلك في ثلاثينات القرن الماضي كما سمعنا وخمسينات وستينات القرن نفسه كما رأينا وشاهدنا. جعفر حبيب كان يجمع بين الفن والغناء والتميز الرياضي لذلك فهو يحوز على تقدير واحترام وحب الجميع بالنظر لحسن خلقه وخفة روحه، حتى إنه ولكثرة تردده على مجالس المحرق كان يحدد قبل جلوسه المدة التي سيقضيها في المجلس بما لا يتعدى 15 دقيقة مما يزيد رواد المجالس بهجة و سرور. في السطور التالية ننبش ذاكرة جعفر حبيب... يقول حبيب: اسمي جعفر حبيب جعفر الخراز ومكان وتاريخ ولادتي بالمحرق العام 1953. بدأت علاقتي بالوظيفة من خلال العمل كموظف في وزارة الإسكان من 1966 ومدير مركز المحرق الشعبي 2001 قبل أن أخرج إلى التقاعد المبكر العام 1996.أما عملي الحالي بعد التقاعد فهو ممارسة الأعمال الحرة.أما المؤهلات العلمية التي نلتها فهي شهادة الإدارة المتقدمة 1996، دبلوم العلاقات العامة 1992، دبلوم موسيقى القاهرة 1980، دورات إدارية تأهيلية في مجال العمل الاجتماعي والثقافي والفني.وأما الإعمال التطوعية فقد بدأتها كناشط متفرغ في الفعاليات التطوعية والخدمات الشبابية والاجتماعية منذ 1980، وكنت أحد المؤسسين لفريق الناصر والذي اندمج تحت مسمى نادي الحالة قبل اندماجه بنادي الجزيرة، كذلك كنت لاعب كرة قدم وإداري ومدير فريق بنادي الحالة وعضو مجلس إدارة نادي الحالة لدورتين 1989 1990 و 2003- 2004، وعضو مجلس إدارة الاتحاد البحريني لكرة القدم ورئيس لجنة العلاقات العامة خلال الدورة الإدارية من 1992- 1996، أمين السر العام بالاتحاد البحريني للتربية البدنية ورفع الأثقال العام 1998، والأمين المالي للاتحاد البحريني للرياضة للجميع في دورته الإدارية 2008 2010، ورئيس اللجنة الإعلامية في اللجنة التنظيمية للرياضة للجميع بمجلس التعاون لدول الخليج العربية العام 2009.رئيس وفد مملكة البحرين المشارك في مهرجان الرياضة للجميع بمجلس التعاون لدول الخليج العربية – الدوحة 2009، كذلك كنت إدارياً في المهرجان العربي للرياضة للجميع – القاهرة 2010.كما إنني فنان معتمد في دول مجلس التعاون، وكاتب عمود رياضي «خرازيات « في جريدة أخبار الخليج منذ العام 2001.ويواصل حبيب: أنا من مواليد فريق الزياني حالياً « فريق الصنقل سابقاً «، وذلك العام 1953 على يد القابلة « أم جان « وفي العام 1960 دخلت مدرسة الحالة من الصف الأول تحضيري إلى السادس الابتدائي وأذكر من المدرسين صالح عبدالغفار الذي كان له دور كبير في حبي للغة العربية، إلى جانب الأساتذة عبدالوهاب السيسي ومحمد إبراهيم العمال ومحمد عبدالله العيد. وفي العام 1967 نقلت إلى مدرسة الهداية الخليفية للبنين، وكان مديرها المرحوم عبدالله فرج، ومن المدرسين المرحوم عادل سيفان مدرس الإنجليزية ومحمد العيد. وأما من زملاء الدراسة فأذكر: المرحوم راشد علي فخرو وعادل عيسى الزياني. وعند وصولي للصف الأول الإعدادي ولظروف الوالد المعيشية تركت الدراسة وعملت موظفاً في إدارة شؤون العمل بوزارة المالية العام 1969، و كان مديرها المرحوم يوسف أحمد الشيراوي وكان مرتبي الذي تقاضيته 30 ديناراً شهرياً، و في العام 1966 حصلت على منحة من وزارة الإعلام أيام الوزير الأسبق المرحوم طارق عبدالرحمن المؤيد الذي أعتبره رمزاً من رموز الإعلام وإليه يرجع الفضل في ما وصل إليه الإعلام اليوم، وذلك لدراسة الموسيقى في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة لأنه كانت لدي الرغبة في تطوير موهبتي وللتاريخ والحقيقة فإن المرحوم طارق عبدالرحمن المؤيد كما يتفق معي الكثير من الفنانين وممن عملوا معه أنه أفضل من تولى حقيبة وزارة الإعلام وأنه رغم شدته إلا أنه كان الرجل المناسب في المكان المناسب وكان منصفاً لجميع العاملين معه.جعفر حبيب مغنعن مشواره في الغناء يقول حبيب: في العام 1971 كنت عضواً في فرقة نادي المحرق الفنية وكان من أعضائها سعد عبدالله وأحمد هزيم ومحمد جمعان ومحمد أسد، وكنا نقوم بتقليد المطربين المشهورين في تلك الفترة أمثال عبدالحليم حافظ ومحمد رشدي وكارم محمود من مصر وشادي الخليج وعبدالمحسن مهنا وغريد الشاطئ من الكويت، بعدها تولدت لدي الرغبة في تقديم أغاني من خلال إذاعة البحرين وكان الفنان الأخ إبراهيم حبيب مسؤولاً حينها في الإذاعة فأعطاني الضوء الأخضر للغناء في الإذاعة، وفي العام 1985 سافرت إلى الكويت وسجلت أول أغنية لي من كلمات د. راشد نجم وألحان المرحوم عيسى جاسم وكان اسمها « ايخلف الله علينا «، ومن هنا كانت البداية الحقيقية والاعتماد على النفس. كان لهذه الأغنية صدى كبير وانتشار واسع مما شجعني على الاستمرار، وفي العام 1976 حصلت على فرصة لدراسة الموسيقى في القاهرة على حساب مؤسسة « صوت و صورة « التي كان يملكها المرحوم أحمد جمال حيث قمت بتسجيل أول شريط لي وكان يحتوي على 4 أغنيات من ضمنها أغنية «سيف القدر»، التي انتشرت انتشاراً لم أتوقعه ومازالت مطلوبة وحسب قول المنتج فإن لهذه الأغنية مردوداً مادياً كبيراً ، و رغم مرور 30 عاماً على الأغنية فإنها مازالت تتردد على ألسنة الناس والسبب أنها كانت واقعية من حياتي الخاصة وتحكي قصة المرأة التي كنت أنوي الزواج منها وفعلاً والفضل لله وحده فقد تحقق لي ما أريده وتم زواجي ممن أحببتها وهي زوجتي الحالية، كما كانت لي خلال مشواري الفني ما يقارب 30 أغنية بين وطنية وعاطفية ورياضية وصباحية. وبعد عودتي من مصر التحقت بالعمل في وزارة الإسكان من العام 1980 إلى العام 1996 حيث تقاعدت مبكراً. ويردف حبيب بتأثر: أنا في سبيل الفن خسرت الكثير في عملي لدرجة أن زملائي في العمل صاروا مدراء ووكلاء وأنا بقيت موظفاً عادياً حيث تقاعدت براتب قدره 300 دينار فقط، وذلك لأنني أعطيت الفن كل اهتمامي، وللأمانة فأنا لم أحصل من الفن غير الشهرة فقط، والمكسب الوحيد الذي حصلت عليه من الفن هو تدريس أبنائي في الجامعات بالبحرين والأردن، فابنتي الكبيرة أفنان الخراز كانت تعمل في شركة طيران الخليج والآن تعمل في أحد البنوك، و سيما الخراز تعمل مسؤولة في اللجنة الأوليمبية البحرينية، ونورة الخراز مديرة فرع في شركة زين للاتصالات، وفاطمة الخراز مشرفة في مدرسة مدينة عيسى، و ثلاث من بناتي الأربع متزوجات، أما الأولاد الذكور فكبيرهم محمد الخراز يعمل في إحدى المؤسسات الأهلية والآخر وهو عبدالعزيز الخراز مازال يدرس في الجامعة، ولدي الآن و الحمدلله 6 أحفاد، ومما ساعدني في تحمل تكاليف دراسة أبنائي الجامعية هو ما كنت أحصل عليه من الحفلات التي كانت تقام في دول الخليج، فقد شاركت في حفلة زواج الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والشيخ حمدان بن زايد والشيخ سعيد بن طحنون وكنت للحقيقة أحصل من هذه الحفلات والمناسبات مبالغ كبيرة ساعدتني على تدريس أولادي، وفي العام 1994م أصبت بإحباط فني فاعتزلت الغناء نهائياً وللأسف أنني أقول إن البحرين تحولت إلى « مقبرة « للفن و الرياضة، فاليوم وبعد كل ذلك العطاء والعناء أين الدولة منا؟ وأين وزارة الإعلام؟ فماذا حصلنا مقابل عطائنا؟ لماذا لا نجد من يهتم بأحوالنا؟ هل ينتظرون موتنا ليتم إكرامنا؟ الرياضة عشق طفولي وبشأن كرة القدم يقول حبيب: لقد لعبت كرة القدم في طفولتي بفريج الصنقل، وبعدها وعندما كان عمري 12 عاماً لعبت مع أشبال النهضة (البحرين حالياً) وذلك بحكم وجودنا تلاميذ في مدرسة الهداية وكان المدرب القدير شناف فيصل أطال الله في عمره مدرساً في المدرسة ومدرباً لفريق النهضة وكان يشاهد أي تلميذ مرموق في لعبة كرة القدم يأخذه لفريقه، ولكن بسبب كثرة لاعبي فريق النهضة فلم أحصل على مجال اللعب معهم باستمرار، فعدت لفريق الحالة ولعبت في مركز جناح أيمن وكان مديرنا المدرب واللاعب الكبير خليفة الزياني وكان من ضمن لاعبي الفريق سعد رمضان ونبيل قمبر وسالم حامد وحسن دراج ومحمد حمادة، وقد صعدنا من الدرجة الأولى إلى الممتازة، وعند اندماج فريقي الجزيرة والحالة بمسمى نادي الحالة ابتعدت عن كرة القدم واتجهت للفن. وقد مارست لعبة الكرة الطائرة أيام نادي الحالة أيام عمالقة الكرة الطائرة الذين احتكروا البطولة 13 سنة متتالية ومن اللاعبين طارق محمد أمين وإبراهيم يوسف الدوي وسعيد الحمد وخالد الحمد وأحمد صالح وإبراهيم صالح، وكنت أنا والأخ عنتر فخرو احتياط لهؤلاء العمالقة. كذلك بعد عودتي من القاهرة ورغبتي في التطوع الرياضي صرت عضواً إدارياً في نادي الحالة العام 1992، وكان رئيس مجلس الإدارة الوجيه عبدالله بو هندي، كما حصلت على عضوية الاتحاد البحريني لكرة القدم، وكان يرأس الاتحاد رئيس الحرس الوطني الفريق الركن سمو الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، وكان من الأعضاء عبدالله حمزة وجاسم مندي ومازن العمران وعلي العربي والمرحوم حمزة ميرزا، وقد استمرت عضويتي بالاتحاد 4 سنوات ولم أرشح نفسي بعد تلك الدورة، لكنني مازلت أمارس العمل التطوعي خدمة لهذا الوطن العزيز حيث أعمل متطوعاً في الاتحاد البحريني للرياضة للجميع كنائب للأمين العام منذ العام 2004.لقب الخرازوحول لقب الخراز يقول حبيب: عندما فكرت في إيجاد لقب لعائلتي اخترت مهنة الوالد الذي كان يعمل «خراز» لإصلاح النعل والأحذية، حيث كان يستأجر محلاً في المحرق لممارسة هذه المهنة وكان مشهوراً عند أهالي منطقته، و أنا صراحة أفخر كثيراً بعمل والدي رحمه الله و لا أجد فيها أي إحراج.أقرب الأصدقاء أما بشأن الأصدقاء فأقربهم إلى قلب حبيب «الفنان يعقوب بومطيع وعبدالله بوقيس حيث نجتمع كل يوم سبت بصورة شبه دائمة في أحد المجمعات الكبيرة في البحرين لتناول طعام الغداء. ومن الذين أعتز بهم ولا أنسى فضلهم علي الفنان والملحن د. مبارك نجم و أخاه د. راشد نجم والفنان الشاعر إبراهيم الأنصاري، ومن دولة الكويت المرحوم فايق عبدالجليل، كذلك تربطني علاقة حميمة مع الأخوة الفنانين أحمد الجميري وإبراهيم حبيب وطارق الجودر ويعقوب يوسف ويوسف الغانم ومحمد علي أسيري يشاهد المباريات ويستمع للموسيقى لايزال حبيب يستمتع بمشاهدة مباريات كرة القدم والمصارعة والاستماع إلى غناء عمالقة الفن في البحرين أمثال محمد بن فارس ومحمد زويد وضاحي بن وليد. كذلك هو كثير التردد على جمهورية مصر العربية حيث يزورها ما يزيد على 4 مرات سنوياً. يقول حبيب: أرتاح نفسياً في القاهرة حيت إن المحلات تفتح طوال الليل وأنا لم أشاهد عاصمة تعج بالحركة والنشاط طوال الوقت نفسها، وأنا من مؤيدي فريق الزمالك المصري وأتواجد في مقره كل ليلة أثناء تواجدي هناك وحبي للزمالك نابع من حبي وتقديري للمدرب الشهيد أحمد رفعت. موقف مضحكيقول حبيب متذكراً موقفاً مضحكاً: عندما كنت أقوم بتسجيل إحدى الأغاني وكان التصوير يتطلب منظر للبحر والسفن فقد تم التصوير في فرضة المنامة، وأثناء التصوير وكنت على سطح إحدى السفن وأثناء عملية التصوير شاهدني صديق عزيز مازلت أكن له كل محبة و احترام وهو معروف عند الناس بأنه صاحب عين حارة تصيب من يقول عنه حالاً فإذا به يقول لي: هل هذا هو البوم الذي أحضر والدك البحرين؟ و كانت والدة هذا الصديق من أصول إيرانية وبدون إدراك مني قلت له: اشدعوة أمك أحضروها في طائرة (كونكورد) مما أغضب المخرج والملحن لتوقفي عن الغناء والرد على ذلك الصديق مما استدعى إعادة التصوير وأنا أقول لهم: ألا تسمعون لقد أخطأ بحق أبي.
جعفـــــر حبيــــــب: أنتظـــــــر موتــــــــي لأجـــــل تكريمـــــي
16 نوفمبر 2012