إيمان عبدالعزيز

ما لفت انتباه المتابعين وجذبهم للتفاعل هو ما قدمته الزميلة صحيفة البلاد منذ أيام، في حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «الإنستغرام» بلقاء أجرته الإعلامية دلال العلوي، عن استثنائية مهنة غسل الموتى التي تزاولها إحدى السيدات البحرينيات منذ ريعان شبابها حتى الآن، والتي كشفت لنا عن رهبة هذه المهمة المغايرة عن سائر المهام الأخرى.

وعن عامة مزاولي هذه المهنة من الرجال والنساء على حد سواء، رغم ما يواجهه من رهبة الموقف في مغاسل الموتى من معاناة على الصعيدين الشخصي والعملي إلا أنهم يقابلون ذلك بروح عفوية ورضا محتسبين الأجر والثواب من الله عز وجل، غير أن ذلك لا يمنع من تعرضهم لمواقف أخرى لا يخلو بعضها من الطرائف أو المأساة أو العبر بحكم طبيعة عملهم.

فنرى العديد من الناس ترتسم على وجوههم تعابير الاشمئزاز والرعب من مهمة غسل الموتى وأيضا من القائمين عليها، حيث يعتبر الخوف من الموت والجثث المكشوفة الوجه غريزة كامنة في النفس البشرية، وتشتد ذروتها على ضعاف القلوب.

ليس من الضروري الانغماس في قاع المخاوف التي لم تكن سوى لحظات عابرة قد يمحيها الزمن من الذاكرة مع مرور الأيام والسنين مع استمرار الحياة ومشاغلها لتعين من شاهدها على تخطيها، إنما العبرة من هذه المواقف بهيبة لحظاتها هي إحياء الضمير من جديد بعد وفاة من مات جسده وتوسد الثرى أمام الأعين، أي أن يحاول الإنسان الصد عن مغريات الحياة التي تغضب الله تعالى وترك المعاصي وتهذيب النفس وتأديبها مع خالقها ثم مع الآخرين.

ما يجب أن تقشعر له الأبدان في تلك الأثناء هو التذكير بلقاء الله تعالى مهما طال العمر، ولا بد من الإقامة الطويلة أسفل حفرة عميقة إلى قيامة الساعة، والالتحاق بذات المصير الذي سبقه من مات قبله، وليس الخوف من ملامح الميت فقط.

فنسأل الله العلي القدير أن يجزي كل السواعد التي تعمل بإخلاص وتتحامل على المشاق في مزاولة هذه المهنة الإنسانية قاصدة رضاه كل الأجر والثواب، وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أعمارنا أواخرها، وأن يغفر لنا ما مضى ويصلح لنا ما تبقى.