تسبب ظهور ChatGPT من شركة OpenAI، في إحداث ثورة معرفية حقيقية قلبت موازين الذكاء الاصطناعي، إذ انتقلت هذه التكنولوجيا من أروقة المختبرات إلى الاستخدام اليومي المباشر من قبل ملايين المستخدمين حول العالم، ومع مرور ما يقارب ثلاث سنوات على هذا التحول، برز منافس جديد من الصين يحمل اسم Manus، لا يقتصر دوره على المحادثة فقط كما هو الحال مع ChatGPT، بل يتميز بقدرته على العمل كـ وكيل ذكي مستقل، قادر على تنفيذ المهام المعقدة بكفاءة وبدون إشراف بشري مباشر، ما يشير إلى مرحلة جديدة وأكثر تطورًا في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.

كيف يختلف Manus عن ChatGPT؟

يعتمد ChatGPT على أوامر واضحة من المستخدم ويقدم ردودًا نصية مباشرة، بينما يتصرف Manus كـ "مدير تنفيذي رقمي"، يوزع المهام على وكلاء فرعيين متخصصين، ثم يعرض النتائج النهائية بشكل جاهز للتنفيذ، ويعتبره الكثيرون بداية لعصر جديد من "الوكلاء الذكيين".

خلفية المشروع الصيني Manus

يقف وراء Manus الشاب الصيني شياو هونغ (33 عامًا)، خريج جامعة هواجونج، الذي أسس عدة شركات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي قبل أن يطلق مشروعه الطموح Manus بدعم من شركة Butterfly Effect، وفي أبريل 2025 حصل المشروع على تمويل بقيمة 75 مليون دولار، ما رفع تقييمه إلى نصف مليار دولار تقريبًا.

Manus قدرات تفوق الحوار

ما يميز Manus هو الاستقلالية الكاملة في تنفيذ المهام، فبينما يقدم ChatGPT اقتراحات وأفكارًا عامة، يقوم Manus بالبحث والتحليل والتنفيذ، وعلى سبيل المثال:

• في العقارات، يجمع بيانات عن الأحياء وأسعار السوق ومستوى الأمان ليقدم توصيات دقيقة.

• في السياحة، يحجز الرحلات ويضع جدولًا مفصلًا للأنشطة.

• في الأعمال، ينشئ مواقع إلكترونية كاملة من التصميم حتى الاستضافة.

• في التعليم، يساعد المعلمين على إعداد دورات تفاعلية واختبارات ذكية.

• في التوظيف، يفرز مئات السير الذاتية ويقدم تحليلات دقيقة للمرشحين.

نموذج أعمال مثير للجدل

اتبعت الشركة الصينية إستراتيجية قائمة على الحصرية عبر نظام الدعوات، ما جعل أكواد الدخول تباع بأسعار وصلت إلى أكثر من 10 آلاف دولار، أما الاشتراكات الرسمية فتتراوح بين 19 و199 دولارًا شهريًا، مقارنة بنموذج ChatGPT الذي يبدأ من نسخة مجانية وصولًا إلى خطة مدفوعة بـ 20 دولارًا فقط، ويعكس هذا الاختلاف توجه Manus نحو المحترفين والشركات، مقابل تركيز ChatGPT على المستخدمين الأفراد

بين الهيمنة والمستقبل

حتى الآن، لا يمكن القول إن Manus أطاح بعرش ChatGPT، لكنه أجبر الجميع على إعادة التفكير في معنى الذكاء الاصطناعي، فإذا كان ChatGPT علم العالم كيف يتحدث مع الآلة، فإن Manus يقدم نموذجًا مختلفًا: كيف تعمل الآلة نيابة عن الإنسان وباستقلالية كاملة.

الفارق الحقيقي الذي قد يحسم السباق

المنافسة لم تعد مجرد سباق حول "أفضل محادثة"، بل حول "من يملك القدرة على التنفيذ"، وهذه النقلة النوعية قد تحدد شكل علاقتنا بالتكنولوجيا في السنوات المقبلة، وتفتح الباب أمام تحول جذري يجعل الذكاء الاصطناعي شريكًا فعليًا في العمل والإبداع، لا مجرد مساعد افتراضي.

موضوعات متعلقة

دراسة: ChatGPT يتسبب في تآكل مهارات التفكير النقدي

الذكاء الاصطناعي يبتكر مزيجاً من أدوية رخيصة قد تقضي على الخلايا السرطانية