عنوان المقال ترجمة حرفية لـ Fintech Forward، وهو عنوان منتدى تحتضنه مملكة البحرين في الفترة ما بين 8 و9 أكتوبر القادم ويجمع بين قادة الصناعة والمختصين والخبراء في مجالات الخدمات المالية والتكنولوجيا المالية والمدفوعات، ويمثل علامة فارقة على طريق ما تشهده مملكة البحرين من تطور لافت في مجال التكنولوجيا المالية (FinTech)، مدفوعة برؤية اقتصادية طموحة تسعى إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز مالي إقليمي، وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني.
هذا الحدث، واسمه بالعربية «منتدى مستقبل التكنولوجيا المالية» يمثل مبادرة تعزز الدور المحوري الذي تلعبه البحرين في المنطقة كوجهة رائدة لدعم التكنولوجيا المالية وتشجيع الابتكار، فقد نجحت المملكة خلال السنوات الماضية في وضع بيئة تنظيمية محفزة وجاذبة للشركات الناشئة في القطاع المالي، بما يتيح فرصاً واسعة للشراكات المحلية والدولية، وأصبحت البحرين مركزاً إقليمياً للتقنيات المالية، ومكاناً يجمع بين صانعي القرار، والمستثمرين، ورواد الأعمال لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات، وكل ذلك بفضل التشريعات المرنة، والدعم الحكومي، والبنية التحتية الرقمية المتقدمة.
ولا بد من التنويه بالدور المحوري لمصرف البحرين المركزي في دعم قطاع التكنولوجيا المالية من خلال إنشاء بيئة تجريبية (Sandbox) تسمح للشركات باختبار منتجاتها وخدماتها تحت إشراف الجهات الرقابية، مما شجع على دخول شركات محلية ودولية إلى السوق البحريني، وتطوير حلول رقمية مبتكرة تشمل المدفوعات الإلكترونية، والمحافظ الرقمية، والتمويل الجماعي، والخدمات المصرفية المفتوحة.
هذه الجهود تؤكد عزم البحرين على مواصلة تحديث أنظمتها المالية لمواكبة التطورات العالمية، وأن تكون مركزاً قيادياً في التكنولوجيا المالية على مستوى الشرق الأوسط. ومع تزايد التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص، من المتوقع أن يشهد هذا القطاع نمواً أكبر في السنوات المقبلة، مما يدعم الاقتصاد الوطني ويخلق فرص عمل جديدة في المجالات التقنية والمصرفية.
لكن لماذا تزداد أهمية التكنولوجيا المالية في عالمنا اليوم؟ في الواقع نحن نرى صناعة التكنولوجيا المالية تعيد تشكيل المشهد المالي العالمي، من المدفوعات عبر الهاتف المحمول والخدمات المصرفية الرقمية إلى تقنية البلوك تشين والذكاء الاصطناعي، وتُغير ابتكارات التكنولوجيا المالية كيفية إدارة الناس للأموال واستثمارها ونقلها، ويُعدّ قطاع التكنولوجيا المالية عالميًا من أسرع القطاعات نمواً. ووفقاً لتقارير السوق، من المتوقع أن تتجاوز إيرادات التكنولوجيا المالية العالمية 500 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030. وتعمل شركات التكنولوجيا المالية على سدّ الثغرات في الأنظمة المالية التقليدية، مُقدّمةً خدمات أسرع وأرخص وأيسر وصولًا.
وفي الأسواق المتقدمة كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا، أحدثت شركات التكنولوجيا المالية الناشئة، مثل باي بال وريفولت وسترايب، ثورةً في كيفية إجراء المستهلكين للمعاملات ومعالجة الشركات للمدفوعات. وفي الوقت نفسه، تُسهم التكنولوجيا المالية في الأسواق النامية في تعزيز الشمول المالي، حيث تُتيح الوصول إلى الخدمات المصرفية لملايين الأشخاص الذين كانوا يفتقرون إليها سابقاً من خلال تطبيقات الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول والإقراض الصغير.
في الواقع، إن استضافة البحر ين منتدى Fintech Forward للمرة الثالثة لا يعكس فقط التزام المملكة بدعم التحول الرقمي في القطاع المالي، بل يبرز أيضاً البيئة التنظيمية المرنة والمحفزة التي توفرها البحرين للشركات الناشئة والمستثمرين ورواد الأعمال، كما تثبت البحرين من خلال هذا الحدث أنها منصة تجمع بين المعرفة العالمية والتجارب المحلية، لتكون مركزاً للمعرفة والشراكات الاستراتيجية، مما يعزز دورها كمحرك أساسي للتطور المالي الرقمي في المنطقة وكمثال يُحتذى به في ريادة الابتكار المالي.