يسألني: كيف تُعرف القيادي القوي، بالنسبة لنوعية الموظفين الذين يعملون معه؟! هو سؤال أجبت عنه مرات عديدة، لكن لا ضير من التكرار والتذكير، لأن الإدارة الذكية لا تعني أن تكون قائداً قوياً «فقط»، بمعنى أنه لا يمكنك أن تعمل لوحدك، وأن تجعل فريقك مجرد «أعداد» تُحسب على المؤسسة، دون أن توظفهم في تحقيق النجاحات.
لذلك أقول دائماً بأن القيادي «الشجاع» هو الذي يبحث عن «الأقوياء»، بينما القيادي «المهزوز» و«الخائف» هو الذي يبحث عن «الضعفاء» ليقودهم كقطيع مطلوب منهم السير فقط دون أي «تفكير».
نعم، القيادي القوي هو الذي يبحث عن الأقوياء والأذكياء والأشخاص الذين يعملون بجد واجتهاد وضمير، وقبل ذلك لابد وأن يتأكد تماماً أن هؤلاء يمتلكون قدرات يتميزون فيها مهنياً، وذكاء عملياً يجعلهم قادرين على فهم رؤية واستراتيجية القطاع الذي يعملون فيه، بحيث يكون تواجدهم فيه إضافة قوية، وتجعلهم يضيفون قوة للقائد القوي.
المشكلة حينما يعمل القادة الإداريون بعكس ذلك، وأعني حين يبحثون عن أشخاص محدودي القدرات، وضعاف الشخصية، وأشخاص يكونون أتباعاً مسيرين بشكل تلقائي دون أن يعملوا عقولهم ودون أن تكون لديهم خبرات وتجارب سابقة، أو أقلها قصص نجاح تكشف جداتهم.
يخطئ أي إداري حين يظن أن تمكين الضعفاء مهنياً وإدارياً وعلمياً في أماكن العمل ومنحهم المواقع التي تؤثر في صناعة القرار والعمليات، يخطئ حين يظن أنها الطريقة الأسهل والأنسب والأسلم للسيطرة عليهم وقيادتهم؛ فالقائد القوي هو الذي يبرز كمنبر توجيه قوي بين الأقوياء، لا ذاك الذي يجلس على كرسيه متعالياً على مجموعة من الضعفاء.
الحضارات بنيت بفضل وجود الأقوياء والقادرين على إحداث الفارق وصناعة التغيير، وسقطت كثير من الحضارات حينما وصل لمستوى صناعة القرار فيها محدودي القدرات والتفكير، وممن يرون في العمل مكاسب شخصية تعنيهم فقط، أما المصلحة العامة فتأتي بعد ذلك كمراحل.
إن كنت قائداً فلا تبحث عن الضعفاء أو محدودي القدرات، هذا إن كنت تريد النجاح. ابحث عن الأقوياء الذين يمكنك الاعتماد عليهم، والذين يملكون مميزات وقدرات فريدة، تجعل جمعهم مع بعض يشكل فريق عمل قوي ويصنع المعجزات.
لأبسط المسألة لمن يصعب عليهم استيعاب المعادلة، إذ تخيل نفسك مدرب فريق كرة قدم، ولديك ميزانية ممتازة، هل ستتجه لاستقطاب اللاعبين الأقوياء المميزين الذين يمكنهم تحقيق البطولات وتقديم مستوى قوي على الدوام، أم ستتجه لاستقطاب أرخص اللاعبين ممن لا يمتلكون سجلاً مميزاً، وممن يكون أداؤهم عادياً جداً؟!
لو اتجهت للخيار الثاني، فأنت ممن لا يبحث عن البطولات والتفوق، بل أنت ممن يعتمد على الحظ فقط، إن صابت صابت، وإن خابت خابت، وغالباً الاعتماد على الضعفاء وتمكين محدودي القدرات لا يعني إلا «الخيبة الدائمة».