تُسجّل الدبلوماسية البحرينية حضوراً لافتاً في الأوساط العربية والدولية، بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي يواصل ترجمة رؤية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه في توسيع حضور البحرين وتعزيز مكانتها على مختلف المستويات. وفي هذا الإطار، جاءت الزيارة الرسمية التي قام بها سموه إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة، لتؤكد أن العلاقات البحرينية-المصرية تمضي في مسار متجدّد يفتح صفحة جديدة في سجلّ التعاون الثنائي.
لقد حملت الزيارة رسائل سياسية واقتصادية بالغة الدلالة، فلم تقتصر على تثبيت المواقف المتوافقة حيال القضايا الإقليمية والأمن القومي العربي، بل تجاوزت ذلك إلى توسيع رقعة التعاون الاقتصادي والاستثماري، وهو ما جسّدته مذكرات التفاهم التي وُقّعت في العاصمة الإدارية الجديدة، والتي شملت مجالات جديدة مثل التحول الرقمي، واللوجستيات، والأمن الغذائي، والإنشاءات، وحماية المنافسة، فضلاً عن السياحة والثقافة والعمل والشؤون الاجتماعية. إنها رسالة واضحة بأن العلاقات البحرينية-المصرية لم تعد مقتصرة على الملفات التقليدية، بل تنفتح اليوم على آفاق أرحب ترسم ملامح مستقبل أكثر تكاملاً بين البلدين.
هذه الخطوة الاستراتيجية تعكس وعياً مشتركاً لدى القيادتين بأهمية صياغة علاقات عصرية تراعي متطلبات التنمية المستدامة وتواكب المتغيرات الإقليمية والدولية. فالاقتصاد بات ركيزة أساسية في معادلة الأمن القومي، وتعزيز الشراكات في الصناعة والاستثمار والتنمية المستدامة يرسّخ مناعة البلدين في مواجهة التحديات ويزيد من قدرتهما على اغتنام الفرص الواعدة.
كما أن المواقف المتطابقة تجاه القضية الفلسطينية، والدعم المشترك لجهود إعادة إعمار غزة، وتأكيد أن أمن البحرين جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، تمثل بُعداً إضافياً في التنسيق السياسي والإقليمي، وتؤكد أن هذه العلاقة الثنائية تُمثّل في جوهرها رافعة للعمل العربي المشترك.
وفي سياق هذه الزيارة، برزت لفتة نبيلة من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حملت معاني التقدير الكبير للوفد الإعلامي والتجاري المرافق. فمنذ لحظة الوصول إلى القاهرة، كان سموه حريصاً على تقدير الوفد المرافق فزارنا في مقرّ إقامتنا قبل أن يتّجه سموه لمقرّ سكنه، بل وحتى في الطائرة ذهاباً وإياباً وجّه سموه لتخصيص درجة رجال الأعمال لرؤساء التحرير والوفد التجاري، فيما جلس الوزراء والمسؤولون في الدرجة السياحية. هذه اللفتة الاستثنائية كان لها بالغ الأثر، حيث تعكس تقدير سموه العميق للإعلاميين والقطاع التجاري كشركاء في مسيرة نهضة الوطن، وتكشف عن شخصيته الإنسانية المتواضعة التي تضع ضيوفها في المقام الأول.
ومن هذا المنبر، لا يسعنا إلا أن نرفع أسمى آيات الشكر والعرفان والامتنان إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أولاً على هذه الزيارة الاستثنائية بكل المقاييس، ثم على هذا الحرص الكبير والتقدير الشخصي لرؤساء التحرير والوفود المرافقة، بما يعكس نهجاً أصيلاً في القيادة، عنوانه الثقة والوفاء والاهتمام بالإنسان قبل المنصب.
عبدالله إلهامي