جاءت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله إلى الشقيقة مصر في إطار الحرص الدائم من قيادة البلدين على تعزيز الروابط الأخوية التي تستند إلى تاريخ من الاحترام المتبادل، والبحث دائماً في أطر التعاون في كافة المجالات، فعلى المستوى السياسي هناك توافق كبير بين البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ودعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وحقه في تقرير مصيره، كما أن هناك تأييداً متبادلاً بين البلدين حول عدد من الملفات، وفي مقدمتها دعم مقترح إعادة إعمار غزة وإنهاء الحرب وتقديم المساعدات، إضافة إلى تبادل للترشيحات في المنظمات الإقليمية والدولية، فالبحرين فازت بعضوية غير دائمة في مجلس الأمن الدولي، وفي ذات الوقت هي تدعم ترشح د. خالد العناني لمنصب مدير عام منظمة «اليونسكو» للفترة من عام 2025- 2029، ولا ينفصل التعاون الأمني والعسكري عن مجال التعاون الاستراتيجي، حيث تؤكد القيادة المصرية دائماً على كون أمن البحرين هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وهو ما يؤكد عمق تلك العلاقات الراسخة بما يجمع شعبي البلدين من تأزر وتضامن على كافة المستويات.
كما تضمنت مخرجات تلك الزيارة الرسمية تعزيز العلاقات في مجالات عدة، وذلك خلال مباحثات صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله مع د. مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري بمشاركة وفود رفيعة المستوى من البلدين، حيث تمخضت محادثات منتدى رجال الأعمال عن توقيع عدد من مذكرات التفاهم في المجال الاقتصادي من أجل تعزيز الاستثمار المتبادل والمعارض والمؤتمرات، والتعاون في مجال تصنيع الألمنيوم، والاعتراف المتبادل لبرنامج المشغل الاقتصادي بين شؤون الجمارك في البلدين، وكذلك في مجال السياحة، والآثار والمتاحف، وحماية المنافسة، وكذلك في مجال تنمية الموارد البشرية وتبادل الخبرات وبناء القدرات، وفي مجال تشجيع التبادل الثقافي والتقارب بين الشعبين تم تأسيس مجلس شبابي بحريني- مصري، ومجلس آخر معني بالتخطيط الحضري، كما شملت المخرجات عن التعاون في مجال التنمية الاجتماعية بين البلدين، ولا شك أن هذه الزيارة ستقفز بالعلاقات بين البلدين لمستويات متقدمة.
في الأخير
علاقتي مع مصر ليست كأي علاقة، فهي تتجاوز حدود الزيارة العابرة لتلامس أعماق الروح، وتستقر في الذاكرة. فمنذ نعومة أظافري، كان والدي –رحمه الله– يأخذنا إلى مصر باستمرار، حتى أصبحت جزءاً من طفولتي، وأضحى النيل شاهداً على لحظات بريئة رسمت ملامح حياتي الأولى.
مع مرور السنوات، لم تبهت تلك العلاقة، بل ازدادت رسوخاً، حتى غدت مصر وطناً ثانياً يسكنني بقدر ما أسكنه. فيها أكملت دراساتي العليا، ومنها اكتسبت خبرات ومعارف شكلت مسار حياتي، وفيها أيضاً صنعت صداقات صادقة لا تمحوها الأيام.مصر بالنسبة لي ليست مجرد بلد، بل حكاية ممتدة بين الماضي والحاضر، حكاية حب ووفاء وذكريات لا تُعد ولا تُحصى. كلما مررت بشوارعها، أو تأملت نيلها، شعرت بأنني أعود إلى نفسي، وكأن خيوطها نسجت شيئاً من روحي، لا ينفصل عنها ولا يغيب.