يسود شوارع غزة هدوء لا يقطعه إلا صوت الصواريخ والغارات الجوية وصفارات سيارات الإسعاف التي تنقل الجرحى إلى المستشفى. فقد لجأ سكان المدينة إلى منازلهم بعد اغتيال القائد في كتائب القسام أحمد الجعبري في غارة جوية كانت بداية العملية العسكرية الإسرائيلية ضد القطاع. وبدت الشوارع التي تكون في العادة مزدحمة ومليئة بالسيارات والشاحنات والمشاة شبه خالية والمدارس والجامعات مغلقة في كل أنحاء القطاع. وتجمعت بعض الحشود في المساجد لتشييع الشهداء أو على أبواب المخابز لشراء مخزونات من الخبز. ويقول مؤمن أحمد وهو يقف أمام مخبز أبو دية مع أصدقائه «تجولت ساعتين بحثاً عن مكان فيه أقصر خط انتظار». وتابع «صراحة، لا توجد أزمة تموين. قالت وزارة الداخلية على التلفزيون إن الغذاء يكفي ولدينا ما يكفي ولكن نعتقد بأنه من الأفضل أن نأخذ احتياطاتنا». وأثار العدوان الإسرائيلي أيضاً مخاوف السكان من أزمة في الوقود حيث أفاد البعض عن نقص في البنزين في مختلف أنحاء المدينة. وفجأة، يسمع دوي انفجار إثر غارة جوية جديدة يليه صوت انطلاق صاروخ من القطاع. وفي مستشفى الشفاء في قطاع غزة، يتجمع عشرات الشبان لمشاهدة قوات الإسعاف والسيارات وهي تنقل الجرحى بعد وقت قليل من وقوع غارة جوية في حي الزيتون الشرقي. وأول المصابين رجل يرتدي حلة زرقاء وحافي القدمين وهو يصرخ ويبكي بينما تحاول مجموعة من الأطباء تحديد موقع إصابته. ويقول اختصاصي العظام إيهاب شرير إن هذا «أمر نفسي، فهو مصاب ببساطة بالصدمة». وبعد ذلك بقليل، تأتي الطفلة سجود ناصر مع عمها وقدماها مغطيتان بالدماء وهي ترتجف. وتقول الطفلة «كان هناك غارة، البيت انهار والحائط، ووقع علي الحجر وخبط رأسي». ويحاول الأطباء فحص المرضى بأسرع وقت ممكن في محاولة لإخلاء بعض الأسرة في غرفة الطوارئ قبل قدوم دفعة جديدة من الجرحى. وتجلب سيارة إسعاف لبنى دلول وهي امرأة منقبة علقت تحت جدار منزلها بعد غارة جوية وهي حامل في الشهر السادس وقلقة على طفلها بينما يصرخ طفل آخر وراءها. ويقول الطبيب شرير إن لا شيء يماثل الإصابات التي رآها خلال عملية الرصاص المصبوب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في ديسمبر 2008 واستمرت 22 يوماً وأسفرت عن استشهاد أكثر من 1400 فلسطيني. ويتابع «الوضع سيء حالياً ولكنه حتى الآن ليس بسوء عملية الرصاص المصبوب ولكننا نخاف ونعتقد بأن الأسوأ لم يأت بعد».^ (فرانس برس)
غــــارات إسرائيـــل وسيـــارات الإسعـــاف تخــــرق الصمت في غزة
17 نوفمبر 2012