يكثر الحديث هذه الأيام عن احتمالية تجدد الحرب بين إسرائيل وإيران التي بدأت وتوقفت خلال 12 يوماً في شهر يونيو الماضي، وكأن هذين النظامين يصران على جعل المنطقة دائماً تحت صفيح ساخن.

النظام الإيراني، وعلى لسان بعض مسؤوليه كنائب رئيس النظام محمد رضا عارف، ومستشار المرشد العسكري يحيى رحيم صفوي، صرحا باستعداد بلادهما التام لكل السيناريوهات المحتملة لمواجهة إسرائيل، في حال تجدد المواجهات بينهما، وهنا نتساءل لماذا يروج النظام الإيراني لاحتمالية هذه المواجهة في هذا التوقيت بالذات؟ خاصة وأن وقف إطلاق النار بين البلدين لا يزال سارياً، وإسرائيل تدرك أنه ليس من مصلحتها أن تُعدد جبهات المواجهة لديها في نفس الوقت، سواء مع حماس أو مع إيران، أو في سوريا.

أعتقد أن ما ذهب إليه النظام الإيراني بشأن تجدد المواجهات العسكرية مع إسرائيل وارد جداً، وأسبابه موجودة فعلاً، ولعل أبرزها تخصيب اليورانيوم، وعلى ما يبدو أن هذا النظام يتجه إلى تخصيب المزيد من اليورانيوم في الفترة المقبلة، وهو يدرك أن عاقبة ذلك هو المواجهة المباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة، التي لن تقف متفرجة على إسرائيل.

النظام الإيراني تجاوز بكثير النسبة المسموح بها لتخصيب اليورانيوم للاستخدام السلمي وهي 3.67%، حيث وصل إلى ما نسبته 60%، أي أن النظام على بعد 30% فقط من الوصول إلى النسبة المخصصة للاستخدام العسكري، وبالتالي امتلاكه للقنبلة النووية، وهذا من شأنه أن يجعل المنطقة في توتر متصاعد دائماً، لذلك أعتقد أن إيران لم تفتح ملف المواجهات العسكرية إلا بعدما عقدت النية على تخصيب المزيد من اليورانيوم، وهو أمر مرفوض من الجميع، ولابد من إيقافه.

ولكن ليس إسرائيل المكلفة بإيقاف إيران، لأن هذه الأولى تشبه تلك الثانية، فكلاهما يقومان بذات العمل، ولقد رصدت الأقمار الصناعية مؤخراً توسعاً في أعمال مفاعل «ديمونا» الإسرائيلي، بحسب ما نشرته وكالة «أسوشيتد برس»، وهذا المفاعل الذي طالما رفضت إسرائيل التفتيش عليه، ولا تسمح بالاقتراب منه، فكيف يؤمن جانبها وهي لا تقل خطورة عن إيران في هذا الجانب؟، بل ربما تزيد عليها.

إن المجتمع الدولي تقع عليه مسؤولية كبيرة في إيقاف إيران وإسرائيل عند حدهما، وعدم السماح لهما بتجاوز القوانين المتعلقة بحقوق تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية مطالبة بتكثيف مراقبتها للأنشطة النووية لإيران وإسرائيل معاً، وإن رفض أحدهما أو كلاهما لتفتيش الوكالة، يؤكد سوء نواياهما وتوجهما لارتكاب أعمال غير مشروعة، وغير مقبولة دولياً، والسكوت عنهما قد يؤدي إلى توسع أكثر في أنشطتهما النووية، وقد يشجع دولاً أخرى على الاقتداء بهما، مما يعرض المنطقة والعالم لكارثة حقيقية.