تتنامى المساعي الدولية لإيجاد حلول ومعالجات بيئية؛ وذلك في ظل التحديات المناخية التي تهدد جودة الحياة على الكرة الأرضية بعد التدهور الكبير للنظم البيئية وفقدان العديد من أشكال التنوع البيولوجي.

ومنذ ثلاثة عقود تقريباً ظهرت العديد من المبادرات الأممية لإعادة التوازن البيئي عبر قرارات عديدة كان أبرزها «التشجير» كحركة عالمية للحفاظ على التوازن البيئي، وذلك بعدما أظهرت مؤشرات التشجير دوراً محورياً في امتصاص ثاني أكسيد الكربون المسبب الرئيسي للاحتباس الحراري، حيث تقوم الأشجار بتخزين ثاني أكسيد الكربون في أنسجتها، وفي التربة المحيطة بجذورها، وهو ما يعرف بعملية الحد من تركيز الغازات الدفيئة الضارة بطبقات الأوزون في الغلاف الجوي.

وبطبيعة الحال سعت مملكة البحرين لوضع إستراتيجية بيئية متكاملة للتشجير، حيث لمسنا هذه المبادرات من خلال تنفيذ العديد من المشاريع الخضراء، وخصوصاً في الشوارع العامة التي تزينت باللون الأخضر، فضلاً عن تشجير المساحات الصغيرة المحاذية لها، كما تنتهج السياسات الحكومية لرئاسة مجلس الوزراء العديد من إستراتيجيات التشجير المستدام وبالخصوص في المواقع العمرانية الجديدة ذات الطابع الحضري المميز الذي تكون أبرز اشتراطات البناء والتعمير فيه هو تنفيذ البنود البيئية المتعلقة بالتشجير والمساحات الخضراء كجزء مستدام من المشاريع الإسكانية أو المشاريع الصناعية والاقتصادية وحتى المباني الاستثمارية المتعددة الطوابق يتم وضع تصورات الأسطح الخضراء والتشجير الخاصة بها كشرط أساسي.

فلقد كان لتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله الأثر الكبير توجيه بمضاعفة عدد الأشجار من 1.8 مليون شجرة إلى قرابة 3.6 مليون شجرة بحلول العام 2035 عدة آثار تنموية مستدامة تتماشى مع التزامات مملكة البحرين باتفاقية الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي (Cop26).

إن هذه التوجهات الحكومية تضع الجميع مسؤولين وأفراداً أمام مسؤولية وطنية لإنجاح مشاريع التشجير وضمان بلوغ الأهداف البيئية المستدامة في زيادة عدد الأشجار، سواء كان ذلك ضمن المشاريع الحكومية أم في بيوتنا وأحيائنا فنحن بحاجة ماسة لخطط منفصلة تتواكب مع خصوصية كل مدينة وقرية على حدة من أجل زيادة الرقعة الخضراء وتشجيع جميع الأفراد بالمجتمع عبر شراكة مجتمعية متكاملة في القيام بالتشجير واعتماد الآليات لمعايير نجاح هذه العملية بدقة.

إن الرؤى البيئية المستقبلية المستدامة التي تنطلق من أجلها البرامج الحكومية للتشجير تشكل مشاريع إستراتيجية نوعية مستدامة نحتاج للبناء عليها وتطويرها على مراحل مع ضرورة تحديد أصناف الأشجار التي تضمن بقاء النوع المحلي مقارنة بما يتم زراعته من أنواع جديدة تتلاءم مع مناخ مملكة البحرين بما يساعد على انخفاض درجات الحرارة وتوفير مساحات كافية من الظل، ويمتص الغازات الدفيئة، ويقلل من امتصاص واستهلاك المياه وتحمل ملوحة التربة.

يجب علينا جميعاً أن نأخذ بعين الاعتبار تعزيز أسس الثقافة البيئية وتبني ممارسات التشجير المستدام ومعرفة أهمية التشجير في حياتنا اليومية والمستقبلية عبر غرس هذه القيمة البيئية في نفوس أجيالنا لنكون بذلك جيل التصحيح البيئي لمستقبل مستدام ولتنعم أجيال مملكتنا الغالية ببيئة صحية آمنة بيولوجياً.