منال كويتان

مع بزوغ شمس عام دراسي جديد، تُفتح أبواب المدارس لا لتستقبل طلاباً فقط، بل لتحتضن أحلاماً، وتصنع قادة، وتبعث في الأرواح أملاً متجدداً. إنه ليس مجرد بدء لفصلٍ دراسي، بل انطلاقة لحياةٍ ناضجة، تُكتب في سطورها فصولٌ من الطموح، وتُسطر عبرها قصصٌ من الإنجاز.

في كل ركن من أركان المدرسة، وفي كل جدار، هناك رسالة غير منطوقة: "هنا تصنع الشخصية.. هنا يُبنى المستقبل”. ويكمن التحدي الحقيقي في تحويل المدرسة من مجرد مكان للتعلم إلى بيئة جاذبة نابضة بالحياة، تهتف للعلم، وتغني للإبداع، وتفتح ذراعيها لكل طالب، ليكون مشاركاً لا متلقياً، مؤثراً لا هامشياً.

- الطالب.. من متلقٍ إلى ملهم: لم يعد الطالب اليوم مجرد مستمع خلف المقعد، بل أصبح محور العملية التعليمية، صانعاً للحدث، ومشاركاً في بناء واقعه ومستقبله. وعندما يُمنح الثقة، وتُهيأ له المساحة ليعبّر عن ذاته، فإنه يتحول إلى مصدر إلهام لزملائه، يحمل مشعل الريادة، ويقود قاطرة التميز بسلوك ناضج وفكر واعٍ.

إن إشراك الطلاب في الفعاليات الداخلية والخارجية، وتنمية حسّ المسؤولية لديهم، وتمكينهم من اتخاذ القرار، يسهم في صناعة شخصية متزنة، واثقة، قيادية. هم ليسوا أرقاماً في سجل الحضور، بل أرواحٌ لها أثر، وأفكارٌ لها صوت، وطاقاتٌ تبحث عمّن يوجّهها التوجيه الأمثل.

- مدرسة جاذبة.. منارة لا مقر: المدرسة الجاذبة لا تُقاس بجمال مبناها فحسب، بل برُقيّ من فيها، وبعُمق رسالتها، وشغف معلميها، واحتضانها لاختلافات طلابها. هي بيئة تزرع الحب قبل الحرف، وتُنمّي الشغف قبل الحفظ، وتُؤمن أن لكل طالبٍ قصة تستحق أن تُروى، ومهارة تستحق أن تُصقل، وموهبة تستحق أن تُكتشف.

إنها المكان الذي يُصبح فيه النشاط المدرسي أكثر من مجرد برنامج، بل منصة للإبداع، وأداة لتطوير الذات، وجسراً يربط بين العلم والحياة. فحين يُمنح الطالب فرصة ليكون فناناً، أو قائداً، أو خطيباً، أو متحدثاً رسمياً باسم مدرسته، فإنه لا يُنمّي موهبته فقط، بل يُصقل شخصيته، ويُعزّز ثقته بنفسه، ويغدو أكثر وعياً بذاته ومجتمعه.

- الدعم.. مفتاح الإنجاز والتفوق: وراء كل طالب متفوق، معلمٌ آمن به، وولي أمرٍ دعمه، وبيئة مدرسية احتضنته. إن المساندة النفسية والتربوية ليست رفاهية، بل ضرورة لتمكين الطالب من تجاوز التحديات، وتحقيق الإنجازات، وبناء شخصية متكاملة متزنة.

وكلما شعر الطالب بأن له دوراً وصوتاً وتأثيراً، زاد انتماؤه، وارتفعت همّته، ونمت عزيمته. فتتحول المدرسة إلى موطن، والفصل إلى محراب علم، والمعلّم إلى قدوة.

- عام دراسي.. نرسم فيه المجد بأقلامنا: إنها دعوة لكل معلم ومعلمة، لكل ولي أمر، لكل مسؤول تربوي، أن نبدأ هذا العام بنظرة مختلفة. أن نُؤمن بأن بناء الإنسان يسبق بناء المناهج، وأن الطالب ليس مجرد متعلم، بل شريك في صناعة المستقبل.

فلنصنع بيئة مدرسية تُلهم، لا تُقيّد، تحتضن الطموح، وتُشعل فتيل الإبداع، وتُخرج من بين جدرانها قادة لا يعرفون المستحيل، طلاباً ذوي أثر وبصمة، يعكسون في سلوكهم وتعاملهم مخرجات تعليمية متقدمة، ونضجاً شخصياً نفاخر به العالم.

فلنجعل من مدارسنا مصانع للريادة، ومن طلابنا منارات يُهتدى بها، ومن عامنا الدراسي الجديد، بداية حقيقية لحكاية نجاح عنوانها: "أنا طالب.. أنا قائد.. أنا الأثر".

* مستشار تربوي