يأمل ترامب بتتويج نهاية فترة رئاسته بنيله جائزة نوبل للسلام، ولا يتردد في الإفصاح عن هذه الرغبة كلما سنحت له الفرصة، بل إنه أعلن عن هذا الحلم حتى قبل فوزه بالرئاسة، فبنى العديد من خطبه أثناء فترة الترشيح على هذه الأمنية، واعداً أنصاره بأنه يستطيع أن يوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا في أيام، وسيحل السلام في منطقة الشرق الأوسط، وسيصفّر جميع مشاكل الولايات المتحدة الأمريكية مع العالم، ولكنه لم يتوقع أن يقف بينه وبين أمنيته مجرم كنتنياهو، فهذا شخص مستقبله مرهون باستمرار حربه، فهل نتوقع أن يتنازل لترامب ويوافق على أي مبادرة لوقف إطلاق النار؟

المشكلة الثانية أن ترامب يشعر أنه مَدين للجماعة الأمريكية المسيحية «الإنجيليين الأصوليين» والتي تطالب ترامب برد الجميل لها بالقبول بضم الضفة الغربية لإسرائيل تسريعاً لوقوع معركة هرمجدون التي ستعيد المسيح ليقود السلام.

ترامب إذاً أمام عقبتين تمنعانه من التصدي لجنون نتنياهو، فهو لا يكتفي بعدم الاستجابة لمبادرات ترامب بل يقصف من يقبلها موجهاً أكبر إهانة للرئاسة الأمريكية، ويُجبر ترامب على الاعتذار لحلفائه.

ترامب بالمقابل لا يريد أن يقطع شعرة معاوية مع هذا المجنون، بل يحاول أن يخفّف من قوة الضربة التي وُجّهت لكرامته، واعداً حلفاءه بأنها لن تتكرر، محاولاً تبريرها بأنها كانت ستقود للسلام لو نجحت كما وعده!

نتنياهو لم يقطع حبل السلام فحسب بقصفه للدوحة، بل عرّض ترامب لحرج كبير مع جميع حلفائه، لا مع قطر فحسب، وهنا تكمن أكبر أخطائه. إن الصدمة التي تركت الأثر الأكبر بين أمريكا وحلفائها بعد ضرب الدوحة، إدراكهم أن أمنهم وتقدير الخطر الواقع عليهم ستحدّده التقديرات الأمريكية لا هم.

تلك صدمة هزّت مصداقية ترامب بشكل يفوق ما فعله أوباما في 2011 مع حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية عندما شجّع ما سُمّي حينها بالربيع العربي الذي هدف لإسقاط الأنظمة، ترامب اليوم يصدم المنطقة بأنه إذا تمّ الاعتداء على دولها من إسرائيل فإنها لن تتدخل، فإسرائيل ربما تكون الدولة الوحيدة المستثناة من الرد عليها وتجميد الاتفاقيات الدفاعية من أجلها!

وترامب لم يحدّد موقفه بعد ومازال متردّداً بين نوبل وبين هرمجدون!!