القراءة الأولية للقمة العربية-الإسلامية الطارئة التي استضافتها الدوحة والتي بحثت الهجوم الإسرائيلي على الأراضي القطرية، لا أظنها تخرج عن الإطار المعهود لمثل هذه النوعية من القمم.

بمعنى آخر، أن القمة في اعتقادي -حيث تمت كتابة هذه السطور قبل ختام القمة- ستتضمن إدانات واسعة واستنكاراً كبيراً للهجوم الإسرائيلي السافر والجبان على قطر، والرفض التام لهذا الهجوم مهما كانت الدوافع والأسباب، لأنه باختصار اعتداء على سلامة دولة عضو في الأمم المتحدة، وتهديد لأمنها الوطني، وسلامة أراضيها وإرهاب من فيها من مواطنين ومقيمين، وهذا تصرف مدان بكل الأشكال ولن تقبله أي دولة.

ولكن في المقابل، فهناك ما هو أبعد من الإدانة والشجب والاستنكار، وهو الضغط على الدول الداعمة لإسرائيل لإيقاف هذه الأخيرة عند حدها، باستخدام سلاح الاقتصاد، وهو سلاح لا يقل فتكاً عن السلاح العسكري التقليدي، ولقد سبق وأن تطرقت مراراً لأهمية استخدامه، ودول الخليج العربي تملك قوة اقتصادية مؤثرة عالمياً لا يمكن الاستهانة بها أو التقليل من شأنها، وهي دول قادرة على لخبطة الأوراق الاقتصادية لأي دولة عابثة، أو راضية بمحاولات الآخرين العبث بالأمن الخليجي أو أمن المنطقة.

وأعتقد أن قمة الدوحة أظهرت -ولو بشكل غير مباشر- أن تهديد أمن وسلامة دول الخليج العربي بالذات، هو تهديد أيضاً لمصالح دول كبرى وشركاء دوليين ترتبط بهذه الدول الخليجية، وفي مختلف المجالات، وتلك المصالح لا يمكن أن تستمر في حال وجود من يعكر صفو أمن دول الخليج العربي، فأي اهتزاز لأمنها هو اهتزازاً لمصالح هؤلاء الشركاء الدوليين، المطالبين بعدم ازدواجية أدوارهم في المنطقة، لأن تلك الازدواجية قد تكون سبباً في تقليص كبير لمصالحهم في المنطقة.

وبالرغم من أن العدوان الإسرائيلي الجبان على الدوحة إلا أن هذه القمة الطارئة أفردت مساحات واسعة للقضية الفلسطينية وحرب إسرائيل وعدوانها على أهالي غزة، وهو ما يؤكد على دور دولنا الخليجية المهم في هذه القضية التي لاتزال قضية العرب الأولى، رغم محاولات بعض المتحزبين إنكار تلك الأهمية التي تكنها دول الخليج العربي للقضية الفلسطينية.

إن قمة الدوحة الطارئة هي المدخل الجديد في كيفية التعامل المستقبلي مع إسرائيل، التي بعد تجرئها على سماء الدوحة، قد تتجرأ على دول أخرى في الخليج العربي أو في المنطقة بشكل عام، كما فعلت في تونس، وذلك في حال عدم اتخاذ مواقف صارمة وحازمة ضدها، أو الضغط على المجتمع الدولي والدول الداعمة لإسرائيل بضرورة إيقافها عند حدها، حتى لا يسوء الوضع وتكون مصالح تلك الدول في المنطقة هي الضحية وليس دول المنطقة فقط.