أتطرق اليوم للمقترح الذي تقدم به النائب حمد الدوي قبل فترة بمنح الكوادر التعليمية والإدارية بمدارس وجامعات البحرين إجازة في الأسبوع الأخير من رمضان.
لم أمر على الفكرة مرور الكرام، وذلك وفق اعتبارات أن المقترحات النيابية تزيد بالضرورة في دور الانعقاد الأخير، وطبعاً لهذه الزيادة عدة أسباب. ووقوفي عند هذه الفكرة لأنها تحمل بعداً إنسانياً واجتماعياً مهماً.
الأسبوع الأخير من رمضان يتزامن مع ضغط عمل مكثف وظروف خاصة يعيشها المجتمع، حيث تتضاعف المسؤوليات الأسرية والدينية. ومنح هذه الكوادر فترة راحة يسهم في تجديد نشاطهم، ويعود بالنفع على الأداء التعليمي لاحقاً، خاصة أن العملية التعليمية تعتمد بشكل كبير على راحة المعلم واستعداده النفسي.
من الناحية العملية، التعليم يتميز بوجود جداول زمنية يمكن تعديلها أو تعويضها عبر التقديم أو التأخير في بداية العام الدراسي أو في العطل الأخرى. لذلك، تطبيق الإجازة في هذا القطاع يبدو ممكناً إذا ما وُضعت خطط بديلة تضمن عدم الإخلال بالمنهج الدراسي، مثل تمديد الفصل أو تقليص بعض الأنشطة غير الأساسية.
الانتقال بالفكرة إلى باقي قطاعات العمل يثير تساؤلات أعمق. إذ لو تم منح إجازة معتمدة في العشر الأواخر لجميع الموظفين، فإن ذلك سيؤثر على عجلة الاقتصاد، خصوصاً في القطاعات الحيوية كالمصارف، المستشفيات، والمرافق الخدمية.
فالاقتصاد الوطني لا يمكنه التوقف الكامل، وإلا لكانت هناك خسائر ملموسة على مستوى الإنتاجية والخدمات.
لذا فإن التعميم يبدو صعباً ما لم يتم التفريق بين القطاعات التي يمكنها التوقف دون تأثير كبير، وتلك التي يجب أن تستمر.
لكن، هناك خيار آخر أكثر مرونة يتمثل باعتماد نظام العمل عن بُعد في العشر الأواخر للقطاعات التي يمكن فيها ذلك، مثل الأعمال الإدارية، التقنية، والاستشارات.
تجربة جائحة كورونا أثبتت أن العديد من المؤسسات قادرة على الاستمرار في تقديم خدماتها عن بُعد بكفاءة. وتطبيق هذا النموذج قد يكون حلاً وسطاً، فهو يمنح الموظفين فرصة التواجد مع أسرهم وتخفيف الأعباء، وفي الوقت نفسه يحافظ على سير العمل دون تعطيل كامل.
المقترح في حد ذاته يعكس تقديراً لدور الكوادر التعليمية، ويعزز صحتهم النفسية والإنتاجية. أما التعميم على باقي القطاعات، فهو بحاجة إلى دراسة أعمق للتوازن بين الراحة والاقتصاد.
الحلول الوسط مثل العمل عن بُعد أو تقليص ساعات الدوام قد تكون أنسب من الإجازة الشاملة، لتتماشى مع خصوصية الشهر الفضيل ومتطلبات الاستدامة الاقتصادية.
وأكرر، لأن المقترح فيه بُعد إنساني، ويمكن تطبيقه بذكاء ونجاعة، لذلك توقفنا عنده للتعليق والتفكير فيه.