يحتفل العمانيون اليوم بعيدهم الوطني الثاني والأربعين، وهم يبنون عمان بإرادتهم القوية وعزيمتهم الصادقة متواصلين بكل إخلاص وتفان في مسيرتهم التنموية بخطى مدروسة من أجل بناء حاضر مُشرق عظيم وإعداد مستقبل زاهر كريم بقيادة السلطان قابوس بن سعيد الذي قاد مسيرة عمان بكل حنكة واقتدار، حيث شكل المواطن العماني على امتداد سنوات النهضة العمانية الحديثة حجر الزاوية والقوة الدافعة للحركة والانطلاق على كافة المستويات وفي كل المجالات، ومثلت الثقة العميقة والرعاية الدائمة والمتواصلة له من لدن السلطان قابوس ركيزة أساسية من ركائز التنمية الوطنية وهو ما أشار إليه في كلمته بمناسبة افتتاح الفترة الخامسة لمجلس عمان في حصن الشموخ بمحافظة الداخلية في 31 أكتوبر 2011، بالقول "لقد أكدنا دائماً اهتمامنا المستمر بتنمية الموارد البشرية وذكرنا أنها تحظى بالأولوية القصوى في خططنا وبرامجنا. فالإنسان هو حجر الزاوية في كل بناء تنموي وهو قطب الرحى الذي تدور حوله كل أنواع التنمية. إذ إن غايتها جميعاً هي إسعاد وتوفير أسباب العيش الكريم له وضمان أمنه وسلامته”.ولذلك حظيت كل قطاعات المجتمع بالرعاية والاهتمام الدائم والمباشر باهتمام مباشر من السلطان قابوس بن سعيد خاصة قطاع الشباب الذي حظي برعاية خاصة وهو يمثل الشريحة الأكبر من حيث العدد في المجتمع العماني باعتباره قوة الحاضر وأمل المستقبل، وقد أشار سلطان عمان إلى ذلك بقوله "لما كان الشباب هم حاضر الأمة ومستقبلها فقد أوليناهم ما يستحقونه من اهتمام ورعاية على مدار أعوام النهضة المباركة حيث سعت الحكومة جاهدة إلى أن توفر لهم فرص التعليم والتدريب والتأهيل والتوظيف وسوف تشهد المرحلة المقبلة -بإذن الله- اهتماماً أكبر ورعاية أوفر تهيئ المزيد من الفرص للشباب من أجل تعزيز مكتسباته في العلم والمعرفة وتقوية ملكاته في الإبداع والإنتاج وزيادة مشاركته في مسيرة التنمية الشاملة”.من هذا المنطلق تحرص السلطنة على الاهتمام بالتعليم وتوفير مختلف المهارات والمعارف للمساهمة في بناء الكوادر البشرية المؤهلة التي تلبي احتياجات مسيرة التنمية في البلاد حاضراً ومستقبلاً، حيث تم رفع الميزانية المخصصة للإنماء المهني للهيئات التدريسية والوظائف المرتبطة بها في الحقل التربوي إلى أكثر من 3 أضعاف، وذلك من أجل دعم البرامج التدريبية للهيئات التدريسية والوظائف المرتبطة بها، لتعمل على تحسين جودة الأداء التعليمي في المدارس وتطويره. الشورى تعزز الأداء البرلمانيتدخل عجلة البناء والتنمية في السلطنة عامها الثالث والأربعين متبصرة طريقها نحو ما تقتضيه مصلحة الوطن والمواطن، وبما يحقق الاستقرار والطمأنينة، ويحافظ على المكتسبات الوطنية والمنجزات المتحققة.وحرص السلطان قابوس على أن يبقى المواطن العماني شريكًا حقيقياً للحكومة في عملية التنمية والرقي، ولأجل أن يؤدي المواطن دوره من منطلق ما تقتضيه هذه الشراكة أقيمت المؤسسات التي تتيح له أن ينهض بدوره في خدمة وطنه وتطور مجتمعه، حيث كان إنشاء مجلس عُمان بمجلسيه الدولة والشورى علامة أخرى ومفصلاً من مفاصل التاريخ تبرهن أن من جاء من أجل الوطن والمواطن، ومن يحرص على الالتقاء بشعبه في محافظاتهم وقراهم، لن يحيد عن وعده بتطوير منظومة الشورى العُمانية.دولة المؤسساتلقد ظل هدف بناء الدولة العصرية، وإقامة دولة المؤسسات، أحد المحاور الأساسية التي ارتكزت عليها وتدور في نطاقها جهود التنمية الوطنية الشاملة، في إطار النهج المتدرج والمدروس للسلطان قابوس بن سعيد الذي أرسى دعائم الدولة الحديثة لتواكب عصرها في ميادين العلم والمعرفة، وتحافظ في ذات الوقت على أصالتها وعراقتها، وقد كان عام 2012، علامة فارقة في تاريخ القضاء العُماني الحديث، فقد اكتمل باستقلال السلطة القضائية البناء المؤسساتي لدولة المؤسسات والقانون، فيما تجاوبت التعديلات التي شهدها النظام الأساسي للدولة عام 2011، مع تطلعات المواطن العُماني للمشاركة في جهود التنمية الوطنية، وتعزيز المؤسسة البرلمانية بصلاحيات تشريعية ورقابية، تسهم في تحقيق التنمية والتقدم والرخاء. كما تبوأ القضاء العادل حيزاً هاماً في اهتمام السلطان قابوس بن سعيد رئيس المجلس الأعلى للقضاء بما يليق والمكانة التي يمثلها كأحد أهم استحقاقات الدولة العصرية.بلد الأمن والأمانتعتبر سلطنة عمان بيئة خصبة للأمن والأمان والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم، حتى بات من يوصفها بأن "عُمان بلد الأمان” شعار يميز السلطنة في أوقات الأزمات، وحظيت السلطنة بمرتبة متقدمة في مؤشر السلام العالمي باعتبارها من أكثر الدول أمناً على مستوى الشرق الأوسط والعالم، وجاءت في المرتبة الرابعة عربياً والحادية والأربعين عالمياً وفق مؤشر السلام العالمي الذي تضمنه تقرير معهد الاقتصاد والسلام الأسترالي لعام 2011 والذي شمل 153 دولة على مستوى العالم.كما تتسم الشخصية العُمانية بقدرتها على التعايش والتواصل والتراحم، تلك الصفات التي أمر بها الدين الإسلامي، وتجسدت هذه المعاني في علاقات الترابط والتكافل والتماسك بين أبناء المجتمع العُماني، الذي يشكل ركيزة أساسية للتقدم والرخاء، وفي علاقات السلطنة مع الشعوب الأخرى، التي ارتكزت على الحوار والصداقة واحترام حرية الدين والمعتقد، ومن ثم مارست عُمان التعايش الحضاري مع كثير من الشعوب والحضارات الأخرى، منذ قرون عديدة عبر التجارة والتفاعل الحضاري. وانطلاقاً من رصيدها الحضاري العريق، ترفض السلطنة كل صور التعصب والتطرف، وتدعو دوماً إلى التفاهم وحرية الفكر والمعتقد، وبالتالي يشكل التسامح الديني سمة مميزة لمسيرة النهضة في عمان.سياسة خارجية متزنةتكتسي السياسة الخارجية للسلطنة ملامح الشخصية العُمانية وخبرتها التاريخية مقرونة بحكمة القيادة وبعد نظرها في التعامل مع مختلف التطورات والمواقف، وقد دأبت هذه السياسة وعلى امتداد السنوات الماضية وماتزال على مد جسور الصداقة وفتح آفاق التعاون والعلاقات الطيبة مع مختلف الدول وفق أسس راسخة من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام علاقات حسن الجوار واعتماد الحوار سبيلا لحل كل الخلافات والمنازعات بين مختلف الأطراف. فعلى الصعيد الخليجي تستند العلاقات الوثيقة والمتميزة بين السلطنة وشقيقاتها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والجمهورية اليمنية في خصوصيتها، على ما يربط بينها من وشائج وصلات عميقة ممتدة في عمق الزمن، وعلى كل المستويات وفي جميع المجالات، وعلى ما يجمع بينها من مصالح وآمال مشتركة لبناء حياة أفضل لشعوبها في الحاضر والمستقبل، وتضطلع السلطنة في هذا الإطار بدور إيجابي نشط لتفعيل وتطوير التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتسعى جاهدة لأن يتجاوب ذلك مع تطلعات دول وشعوب المجلس، وما تفرضه مصالحها المشتركة والمتبادلة، وبما يحقق بشكل عملي المواطنة الخليجية وتهيئة المجال لمزيد من التعاون والتنسيق بين دول المجلس والدول الشقيقة والصديقة، في تعزيز الاستقرار والطمأنينة والازدهار لكل دول وشعوب العالم.وعلى الصعيد العربي تحظى سياسات السلطنة ومواقفها على الصعيد العربي بتقدير واسع نظراً للإسهام الإيجابي والمتزايد الذي تقوم به السلطنة تجاه مختلف القضايا العربية، وكذلك في تطوير علاقاتها الثنائية مع كافة الدول العربية، كما تدعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية دائمة وشاملة وعادلة لقضية الشعب الفلسطيني تحقق السلام وتكفل التعايش السلمي بين الدول العربية وإسرائيل، وتنهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة في سوريا ولبنان، وفي حين تؤيد السلطنة مبادرة السلام العربية وتدعم جهود الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة على أساس مبادئ القانون والشرعية الدولية، بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، فإنها تندد بالممارسات والإجراءات التعسفية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة وبالحصار الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني وخاصة على قطاع غزة. وفي مجال حقوق الإنسان تمكنت السلطنة في فترة زمنية قصيرة نسبياً من إرساء الهيكل الأساسي القانوني اللازم على المستوى الوطني لغرس مبادئ حقوق الإنسان في تشريعاتها ومؤسساتها الوطنية، وتحظى السلطنة بإشادة دولية لالتزامها بالمعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان.استقرار الاقتصادركزت السلطنة خلال 2012 على عدد من الأهداف الاقتصادية في مقدمتها المحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي من أجل معالجة القضايا الأساسية في الدولة ومن بينها التضخم ومعدل الباحثين عن عمل ويسعى إلى زيادة رفاهية المجتمع عن طريق تحقيق الاستقرار في المستوى العام للأسعار وتوفير فرص العمل وتحقيق العدالة في توزيع الدخل وتحقيق أقصى قدر ممكن من الناتج المحلي والدخل القومي. وسعت الموازنة العامة للدولة لعام 2012 إلى تحقيق التوازن بين الإيرادات والإنفاق.وقد رفعت السلطنة تقديراتها لحجم الإنفاق المتوقع في الخطة الخمسية الثامنة ليبلغ 54 مليار ريال عماني. وفي التقارير الدولية نالت سياسات السلطنة الاقتصادية ثناء دولياً، حيث حصلت السلطنة على المركز الثامن عربيا والـ 89 عالمياً في مؤشر التنمية البشرية لعام 2011 الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصنفت السلطنة ضمن فئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة. وحققت السلطنة المركز الرابع عربياً والـ 32 عالمياً في تقرير التنافسية العالمي لعام 2011- 2012 الذي شمل 142 دولة، وضمن هذا التقرير حازت السلطنة على المرتبة الـ 16 عالمياً في مؤشر الإطار المؤسسي كما حققت المركز الثالث عالمياً في المناخ الاقتصادي العام والمرتبة الـ 28 في البنية الأساسية وحصلت على المرتبة الـ23 فيما يتعلق بكفاءة الأسواق، والمركز الـ 30 في مؤشر كفاءة سوق المال.وفي تقرير الحرية الاقتصادية لعام 2011 حصلت السلطنة على المركز الـ 28 دولياً لتصنف بذلك ضمن أفضل 30 دولة تتمتع بالحرية الاقتصادية على مستوى العالم. وحصلت السلطنة على المرتبة الخامسة عربياً في مؤشر الجاهزية الشبكية لعام 2012 وذلك ضمن التقرير العالمي لتقنية المعلومات الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي وجاءت في المرتبة الأربعين على مستوى الدول التي شملها التقرير والبالغ عددها 142 دولة. وقد عملت السلطنة على جذب الاستثمارات خلال السنوات الماضية بإيجاد مناخ مشجع لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز رأس المال المحلي. مسقط عاصمة السياحة العربيةتقديراً للمكانة المتقدمة لقطاع السياحة في السلطنة تم اختيار مسقط عاصمة للسياحة العربية لعام 2012، وقد قامت وزارة السياحة بتنفيذ العديد من الفعاليات والأنشطة التي تبرز المقومات والإمكانيات السياحية المتنوعة التي تزخر بها السلطنة من بيئة طبيعية غنية وإرث حضاري ضارب في عمق التاريخ بجانب عدد من المنتجات السياحية التي تنفرد بها السلطنة من بين دول المنطقة.وقد جاء اختيار مسقط عاصمة للسياحة العربية بعد أن حققت كل المعايير التي يتطلبها الفوز بهذا اللقب. وتعد محافظة ظفار مقصداً سياحياً رئيساً للعمانيين ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي خلال فترة الصيف.شركة النفط العمانية تأسست شركة النفط العمانية من قبل حكومة السلطنة في عام 1996 وذلك بهدف الاستثمار في قطاع الطاقة والمشاريع المرتبطة بها سواء داخل السلطنة أو خارجها، بالإضافة للمشاركة في مشاريع الطاقة والخدمات المصاحبة من أجل المساهمة في مساندة الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد العماني، وتشجيع القطاع الخاص العماني والأجنبي للاستثمار في هذه المجالات، إلى جانب سعيها لتوفير فرص العمل للشباب العماني.وقد حرصت الشركة على مراعاة مبدأ التنويع في محفظتها الاستثمارية من خلال توزيع استثماراتها في عدة مجالات بقطاع صناعة الطاقة بدءاً من مشاريع الشقين العلوي والسفلي المرتبطة بصناعة النفط والغاز. حيث إن من بين الأهداف الرئيسة لإنشاء شركة النفط العمانية تتمثل في المساهمة من خلال استثماراتها في تنويع اقتصاد السلطنة وتشجيع القطاعين الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار داخل السلطنة وتحقيق عوائد مالية للحكومة وتوفير فرص عمل للشباب العماني والبرامج التدريبية اللازمة.