تجلّت روح الإنسانية والحكمة في توجيه ملكي سامٍ أصدره حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، حين أمر بتجديد جوازات السفر لجميع المواطنين البحرينيين الذين أُسقطت عنهم الجنسية الكويتية، ليعود لهم الحق في التنقل والسفر بحرية، وتُستعاد لهم كرامتهم ومساحتهم الكاملة للعيش الكريم ضمن وطنهم ومجتمعهم، هذا القرار ليس مجرد إجراء إداري، بل هو رمز حي لرؤية قيادية ترى في الإنسان جوهر كل السياسات، وفي الأسرة الرابط الذي ينسج النسيج الاجتماعي، وفي الحقوق الإنسانية أساس العدالة واستدامة التنمية.

يحمل هذا القرار في طياته رسالة إنسانية عميقة تتجاوز حدود الإجراءات الروتينية، فهو إعلان عن اهتمام الدولة بترابط الأسر، وإعادة ترتيب حياة أبنائها بما يضمن كرامتهم ويتيح لهم المشاركة الفاعلة في المجتمع، فالرؤية الملكية التي تقف وراء هذه المبادرة تؤكد أن المواطن البحريني ليس مجرد رقم أو حالة إدارية، بل هو ثروة وطنية، واستثمار فيه مسؤولية أخلاقية وواجب وطني ينعكس أثره في كل خطوة تُتخذ على أرض الواقع، لتترجم السياسات إلى حياة ملموسة وحقوق متحققة.

وفي ظل التحولات الإقليمية والدولية، يعكس هذا القرار مرونة القيادة وحكمتها في التعامل مع المستجدات، ويؤكد التزام البحرين الراسخ بحقوق الإنسان ومكانتها كنموذج يُحتذى به في حماية المواطن وترسيخ الروابط الاجتماعية، فهو لا يمنح حرية التنقل فحسب، بل يُعيد ترتيب الأوراق القانونية ويعزز الثقة بين الفرد والدولة، ويفتح المجال أمام المواطن للانخراط في التعليم والعمل والمبادرات التنموية والاجتماعية، ليكون شريكاً حقيقياً في بناء وطنه ومجتمعه.

هذا الإنجاز الملكي يوضح أن السيادة الوطنية تُقاس بقدرة القيادة على حماية كرامة الإنسان، وتعزيز الانتماء الوطني، وصون وحدة الأسرة، وتهيئة الظروف التي تمكّن كل فرد من العيش بسلام واستقرار، المبادرة تعكس حكمة تجمع بين السياسة والرحمة، وتترجم رؤية تؤمن بأن المجتمع المستقر والمتلاحم ثمرة احترام الإنسان وحقوقه، وأن قوة الوطن تُبنى على كل أسرة متماسكة وكل حياة حرة وآمنة.

وفي النهاية، يظل هذا القرار الملكي الكريم صورة حية لرؤية البحرين الإنسانية والسياسية، حيث تُدمج الحكمة بالرحمة، والمصلحة الوطنية بالعدالة الاجتماعية، لتكون كل خطوة نحو المواطن خطوة نحو مجتمع متماسك، متعاون، وموحد، يُحتفى فيه بالإنسان وكرامته، ويشعر فيه كل فرد بالفخر والانتماء، ويجد في وطنه ملاذاً يحميه ويحتضنه، ويؤكد للعالم أن البحرين بقيادة جلالته، دولة الإنسان، دولة الحق، دولة الأسرة والمجتمع المتكامل.

* إعلامية وباحثة أكاديمية