لقد كرَّم الإسلام المرأة تكريماً عزيزاً، وأحاطها بسياج من الرعاية والعناية، فجعل لها من الحقوق ما يحفظ كرامتها، ومن الواجبات ما يصون مكانتها، وشرع لها من الوسائل ما يعينها على أداء رسالتها في هذه الحياة.
ومن تلك الوسائل ما يتعلق بجسدها وصحتها، إذ إن الجسد وعاء الروح، وصيانته من مقاصد الشريعة.
فالرياضة -بمفهومها الصحيح- ليست ترفاً ولا عبثاً، بل هي باب من أبواب القوة التي أمر الله بها عباده، قال تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة»، «الأنفال: 60». والقوة هنا شاملة: قوة في الإيمان، وقوة في الفكر، وقوة في البدن. والمرأة جزء أصيل من الأمة، فلا يستقيم أن تكون ضعيفة الجسد عاجزة عن أداء دورها في الحياة الزوجية والأسرية والاجتماعية.
ومن السنة النبوية ما يؤكد هذا المعنى، فقد ثبت أنَّ رسول الله ﷺ سابق زوجته عائشة رضي الله عنها، فسبقته مرة وسبقها أخرى، مما يدل على إباحة الرياضة للمرأة ما دامت منضبطة بالضوابط الشرعية. فالمقصود من الرياضة صحة الجسد، وتنشيط الدورة الدموية، وتقوية العضلات، وصقل النفس على الانضباط والمثابرة، وهذه كلها أمور محمودة في ميزان الشرع.
فإذا رُوعيت الضوابط الشرعية، أصبحت الرياضة وسيلة للتقرب إلى الله تعالى من حيث المحافظة على نعمة الجسد، قال النبي ﷺ: «إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا»، «رواه البخاري».
إنَّ المرأة المسلمة اليوم، وهي تواجه أعباء الحياة وتحدياتها، أحوج ما تكون إلى جسد قوي ونفس مطمئنة، والرياضة سبيل لتحقيق ذلك. فهي ليست مجرد حركة عضلية، بل هي صناعة للتوازن بين الروح والجسد، وبين العقل والعاطفة، وهي أداة لبناء أجيال صحيحة البنية قادرة على خدمة الدين والوطن.
وهكذا يظهر لنا أن الإسلام لم يقف حائلاً دون ممارسة المرأة للرياضة، بل أباحها وشجع عليها ما دامت في إطار العفة والحياء، لتكون المرأة بحق «نصف المجتمع»، قوّةً في بدنها، ثباتًا في إيمانها، وإشراقًا في عطائها.
ونظرًا للاهتمام الكبير الذي توليه مملكة البحرين لرياضة المرأة، فقد صدر عن صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله، قرار رقم: (8) لسنة: 2025م بإنشاء لجنة: «المرأة في المجال الرياضي»، برئاسة الدكتورة الشيخة حصة بنت خالد آل خليفة. وجاء في قرار صاحبة السمو الملكي قرينة عاهل البلاد المعظم حفظها الله أنَّ اللجنة تهدف إلى دراسة واقع مشاركة المرأة البحرينية في المجال الرياضي، وتعزيز مشاركتها في مختلف المجالات الرياضية، ومتابعة إدماج احتياجات المرأة في السياسات والمبادرات الوطنية التي تسهم في تطوير رياضة المرأة في إطار مبدأ تكافؤ الفرص والتوازن بين الجنسين.
* باحث بمرحلة الدكتوراه - باحث شرعيفي وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف.