قصة أغرب من الخيال قصة كما في الأفلام حدثت في البحرين.
(شاني) عاملة منزل من النيبال فتاة بسيطة جداً إلى حد السذاجة جاءت للبحرين قبل ما يقارب العشرين عاماً، وظلت في ذات المنزل تخدم امرأة بحرينية طوال تلك الفترة مخلصة في عملها ومرافقة للسيدة، إلى أن جاء يوم، واستلمت ابنة السيدة البحرينية مسؤولية هذه العاملة وعند أول محاولة إيداع للراتب الشهري لها في البنك كما جرت العادة من قبل، اكتشفت البنت أن (شاني) بالإضافة إلى أنها لم تسافر طوال فترة إقامتها في البحرين إلى أهلها وهذا أمر معروف للأسرة، إلا أنها لم تصرف فلساً واحداً من راتبها الذي تجمع لها طوال تلك السنوات الماضية، وقد أصبح مبلغاً وقدره.
كانت تكتفي بما يُعطى لها من ملابس وبما تشتري لها السيدة من احتياجات، وتأكل وتشرب وتعلمت اللهجة البحرينية بطلاقة لطول إقامتها.
سألت البنت: شاني لِمَ لا ترسلين مساعدات إلى أهلك طوال تلك الفترة؟ هل أنت مقطوعة من شجرة؟
شاني: لا عندي أسرة، ولكن لا أعلم عنهم شيئاً منذ أتيت البحرين، جئت للبحرين صغيرة من قرية بعيدة جداً تقع على أحد جبال النيبال، وانقطعت صلتي بهم منذ قدومي هنا.
: أليس لدى أهلك هاتف تتصلين بهم؟
: لا القرية كلها ليس بها هواتف، ولكن هناك أرقام تلفونات كتبوها لي في ورقة يمكن المكتب الذي وظفني أعطاني إياها حين نويت السفر.
: دعيني أرى تلك الورقة.
ذهبت وأحضرت ورقة مضى عليها ما يقارب العشرين عاماً صفراء مهلهلة.
حاولت البنت أن تتصل بالأرقام الموجودة طبعاً لم يرد أحد فالأرقام قديمة والورقة غير واضحة.
سكتت البنت لوهلة، ثم أحضرت تلفونها وسألت شاني ما هو اسم قريتك؟ أخبرتها شاني باسم القرية.
فتحت البنت «جوجل ماب» وبحثت عن القرية فوجدتها، ثم بحثت عن أي معلم في تلك القرية أو مطعم أو أي مكان عام يمكن أن يكون به تلفون، فوجدت فندقاً لا يبعد كثيراً عن تلك القرية فاتصلت.
رد عامل الاستقبال، ولم يكن يجيد الإنجليزية حاولت التفاهم معه، لكن الأمر كان صعباً، فاستعان العامل بموظفة تجيد الإنجليزية نوعاً ما!! وأيضاً لم يصلوا إلى نتيجة أعطتهم الموظفة رقم هاتف في تلك القرية، واتصلوا عليه ولكن أيضاً لا يرد، عاودوا الاتصال بالفندق وهذه المرة شاني هي التي تحاول أن تتفاهم مع الموظف بلغتها التي نستها!.
وبعد محاولات فهم الموظف القصة فصرخ أنت شاني؟ ألم تموتي؟ قيل لنا إنك متِ!
اتضح أن الموظف يسكن قريباً من تلك القرية وسمع عن فتاة سافرت ولم تعد وقيل لهم إنها ماتت، فسألها الموظف عندك (فيس بوك) التفت شاني للفتاة لتسألها ماذا يعني (فيس بوك)؟ قالت لها الفتاة قولي نعم الآن سأفتح لك حساباً، فتحت لها حساباً فوراً وتم الاتصال المرئي.
وخلال نصف ساعة جاءها 200 طلب على الفيس بوك من قريتها، منهم أربع فتيات اتصلن ويقلن لشاني نحن أخواتك، لم تصدقهن في البداية، فلم تتعرف على أحد ممن اتصلوا بها إلى أن كلمها ابن عمها، وقال لها أنا أسكن مع جدنا هل تريدين أن تكلميه؟
وفعلاً تعرفت شاني على جدها، ثم بعد ذلك اتضح أن البنات كنّ فعلاً أخواتها وُلِدنَ بعد أن سافرت، ثم أتَينَ بالأم، وكانت هي اللحظة المؤثرة كما الأفلام لم تصدق شاني ما ترى والأم كذلك لم تستوعب حيث اعتقد الكل أن شاني توفيت، وبعد البكاء والعويل والضحك الهستيري والتحايا والسؤال عن الأحوال قالت لهم كيف لي أن أساعدكم الآن؟
وجاء المشوار الثاني
الأهل في النيبال ليس لديهم حساب بنكي، ففتحوا واحداً من أجل تلقي المساعدة، واتضح أن شاني لا تفقه شيئاً عن حسابها وبالتأكيد لا تعرف ماذا يعني إرسال حوالة.
ذهبت الفتاة بشاني للبنك وقضيا نصف يوم يحاولان أن يطابقا الإمضاء الموجود في الحساب القديم مع شخبطتها إلى أن تطابقت، وأرسلا لأهلها مبلغاً.
ثم قال لها أهلها علينا ديون كثيرة ونحتاج لمليون!! يبدو أنهم قالوا المبلغ ضرباً في الرمال.
لم تتردد شاني، فأرسلت لهم مبلغ 2500 دينار بحريني ما يعادل مليون بالعملة النيبالية، ولكن جدها لم يتحمل الصدمة فمات فوراً، ولا ندري هل كانت صدمة العثور على حفيدته أم صدمة المليون؟
المهم شاني الآن (لا شغله ولا مشغله) غير أنها اشترت تلفوناً، وفتحت الخط أربع وعشرين ساعة حرفياً مع قريتها، أعفتها البنت من سؤالها عن شغلها في البيت وخيرتها، هل تريدين البقاء والاستمرار هنا؟ أم تريدين العودة وتأخذين مليوناتك معك؟ أم تريدين أن تسافري إجازة وتعودين؟
شاني لم ترد إلى الآن فهي مشغولة باستعادة ذكرياتها.
برأيكم ماذا ستختار؟