ما هو المميز في سيارة تسلا؟ لا شيء تقريباً، عدا عن أنها تمكنت من تحقيق الانتشار المذهل خاصة في أوروبا من خلال فلسفة تسويقية: أنت صديق البيئة وعدو الوقود الأحفوري؟ إذاً هذه السيارة الكهربائية لك!
في الواقع، أنا أميل لأن أصدق نوايا تسلا، لأني صديق البيئة، حالي حال الكثيرين في هذا العالم، وأميل أيضاً لاستخدام أي منتج أو خدمة تحمل ميزة بيئية، بما في ذلك استخدام المنشآت السياحية من فنادق ومطاعم وشركات ومكاتب سياحة وسفر تضع البيئة والاستدامة في اعتبارها.
أمس السبت احتفل العالم بيوم السياحة العالمي، والذي يصادف الـ27 من سبتمبر من كل عام، ويحمل الاحتفاء هذا العام بُعداً مختلفاً وأكثر عمقاً، حيث يأتي تحت شعار «السياحة والتحول المستدام»، وهو شعار يختصر التوجّه الجديد الذي يسير عليه العالم، ويؤكد أن السياحة لم تعد تُقاس فقط بعدد الزوار أو حجم العائدات المالية، بل بمدى قدرتها على حماية البيئة وصون الموارد للأجيال القادمة.
هذا التوجه مبني على حقائق وأرقام، وليس العاطفة، فقد تغيّرت توجهات السياح أنفسهم خلال السنوات الأخيرة بشكل واضح، وأصبحوا يهتمون بشكل متزايد لموضوع الاستدامة في السياحة، وبحسب تقرير «السفر المستدام 2024» الصادر عن Booking.com، فإن 75% من المسافرين في عام 2024 كانوا يخططون للسفر بشكل أكثر استدامة خلال العام المقبل، و57% منهم أرادوا تقليل استهلاكهم للطاقة في رحلاتهم القادمة.
وهذا يؤكد أن السياح اليوم أصبحوا يبحثون عن تجارب أصيلة تراعي البيئة، مثل زيارة محميات طبيعية تُدار وفق أُسس علمية، أو الإقامة في فنادق صديقة للبيئة تعتمد الطاقة النظيفة وتُقلّل من استخدام البلاستيك، خاصةً وأن الإحصاءات الحديثة أوضحت أن تكلفة اختيار الإقامة المستدامة في المتوسط تبلغ 151 دولاراً أقل في الليلة، وتُعد أرخص بنسبة 39% في المتوسط من الخيارات غير المستدامة، لذا فالسائح نفسه يستفيد ويوفر على نفسه الكثير، كما أن هذه التغيرات في سلوك المسافرين جاءت من وعي عالمي متزايد بخطورة التحديات البيئية وضرورة أن يتحمل كل فرد مسؤوليته، سواء أكان مسافراً أو مستثمراً أو صاحب قرار.
مملكة البحرين بالطبع تبذل جهوداً ملحوظة لتعزيز الاستدامة في القطاع السياحي والحفاظ على البيئة للأجيال القادمة، في إطار استراتيجيتها السياحية 2022-2026، وذلك عبر عدة مرتكزات تشمل تطوير البنية التحتية السياحية والقطاع الفندقي، وتطوير السياحة البحرية مع حماية الموارد الطبيعية والبيئية، وتعزيز السياحة الثقافية والتراثية، لرفع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة وترسيخ مبادئ الاستدامة في قطاع السياحة الواعد، وتنويع مصادر الدخل الوطني غير النفطي.
ومن الرائع أن نرى مبادرات تواكب هذه التوجهات مثل المبادرة التي أعلنت عنها هيئة البحرين للسياحة والمعارض بالشراكة مع عدد من الجهات، لتنظيم جولة سياحية أمس السبت الساعة الثالثة عصراً احتفاءً باليوم العالمي للسياحة، بهدف تعزيز مفهوم الاستدامة في السياحة، حيث شملت زيارة مجموعة من أبرز المعالم التاريخية والثقافية في المملكة، ومثل هذه المبادرات ترسّخ التزام المملكة بمنح الزوار الفرصة للتعرّف على البحرين من منظور يحترم المعايير البيئية، وتضع المملكة في قلب التحولات العالمية للسياحة.