يبدو أن ترك رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو شبه وحيد في قاعة الأمم المتحدة خلال إلقاء كلمته فيها بمناسبة انعقاد الجمعية العامة، جعله يفقد هدوءه وتركيزه، ليتفوه ببعض الكلمات التي لا يصدقها إلا من هم على شاكلته أو من يدعمه ويقف خلفه.
نتنياهو زاد الطين بلة من خلال تلك الكلمة، التي لم يكتفِ بالهراء والكذب على غزة وفلسطين عموماً -وهذا أمر غير مستغرب منه- ولكن كلماته امتدت أيضاً لتنال دولاً غربية اعترفت بدولة فلسطين، وكأنه يصرّ على جمع أكبر عدد ليس من أعدائه، فنحن نعلم أن الدول الغربية التي اعترفت بفلسطين هي في الأساس داعمة لدولة إسرائيل، ولكن لنقل من كارهي سياسته، أي أن اعتراف دول غربية بفلسطين ليس من أجل فلسطين وشعبها، وإنما لأنهم ضاقوا ذرعاً من نتنياهو وتخبطاته وإصراره على اتخاذ قرارات غبية، تجعل موقف تلك الدول ضعيفاً أمام شعوبها، التي تصاعدت أصوات العديد منهم اعتراضاً على نتنياهو وإرهابه ضد الفلسطينيين وبالذات ضد أهالي غزة.
وبعد انتقاد نتنياهو للدول الغربية المعترفة بدولة فلسطين، واتهامه لهم بدعم منظمة «حماس» التي اختزل الشعب الفلسطيني كله فيها، فإنه أضاف بتلك التهم أعداء جدداً لسياسته، لتشمل الآن تلك الدول وأغلب شعوبها، إلى جانب أعدائه الآخرين مثل أُسر الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، الذين لا يُلقي بالاً لأمرهم، بدليل قصفه المستمر على غزة، مع علمه أن هؤلاء الرهائن محتجزون ضمن حدودها، وأيضاً بعض الأحزاب الإسرائيلية التي تريد إسقاط نتنياهو مثل حزبي «أغودات إسرائيل» و»ديغيل هتوراه» اللذين انسحبا من حكومة نتنياهو.
إن كلمة نتنياهو في الأمم المتحدة، تؤكد فقده لمكانته في الأوساط الإسرائيلية، وهو ما قد يعجل بسقوطه في انتخابات 2026، رغم محاولاته المستميتة تلميع صورته أمام الرأي العام المحلي، ولكنه فشل محلياً كما بالتأكيد فشل خارجياً، وأثبتت أن سياسته وأساليب إدارته لأزمات بلاده لم يجانبها صواب أبداً، بل إنه يحرج برعونته حلفاء بلاده، ويجعلهم تحت ضغط كبير، وما كلمته التي ألقاها في قاعة شبه فارغة في الأمم المتحدة إلا دليل على عدم رضا الأسرة الدولية عن إرهابه في فلسطين وغزة والمنطقة عموماً.