د. كوثر العيد


تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للمسنين، والذي يصادف 1 أكتوبر من كل عام، لا يسعنا إلا أن نوجّه رسالتنا التوعوية إلى الجميع وبالأخص كبار السن عن أضرار منتجات التبغ بجميع أنواعه وتأثيرها على الصحة العامة، حيث يُعدّ التدخين من أخطر العادات الصحية التي تهدد حياة الإنسان في مختلف مراحل العمر، إلا أن خطورته تزداد بشكل ملحوظ عند كبار السن. فمع التقدّم في السّن، تتراجع قدرة أعضاء الجسم على تحمّل السموم والمواد الكيميائية الموجودة في التبغ، مما يجعل تأثيره مضاعفاً على صحتهم وحياتهم اليومية.

أول ما يتأثر بالتدخين لدى المسنين هو الرئة والجهاز التنفسي، إذ تقل كفاءتهما طبيعياً مع العمر، ليأتي التدخين فيسرّع هذا التدهور، مسبباً أمراضاً مزمنة مثل الانسداد الرئوي، السعال المزمن، وضيق التنفس، بل ويزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الرئة.

ولا يتوقف الأمر عند الجهاز التنفسي، فالتدخين يرتبط مباشرة بارتفاع معدل الإصابة بالأمراض المزمنة الأخرى مثل أمراض القلب والضغط والسكري، حيث يرفع ضغط الدم، ويضعف الأوعية الدموية، مما يزيد احتمالية الجلطات القلبية والدماغية. كما يؤثر سلباً على التحكم في مستويات السكر، وهو ما يشكل تهديداً إضافياً لمن يعانون أصلاً من هذه الأمراض.

جانب آخر مهم هو المناعة، فالتدخين يقلل قدرة الجسم على مقاومة العدوى، مما يجعل المسنين المدخنين أكثر عرضة للالتهابات المتكررة، خاصة الرئوية منها. كما أنه يفاقم مشاكل العظام والعضلات، إذ يضعف امتصاص الكالسيوم، ويزيد هشاشة العظام، وهو ما يضاعف خطر الكسور حتى مع حوادث السقوط البسيطة.

ورغم هذه المخاطر، تبقى هناك بشارة أمل: الإقلاع عن التدخين في أي سن يعود بفوائد كبيرة، حيث يتحسّن التنفس، وتنخفض احتمالات الإصابة بالأمراض المزمنة، وتزداد جودة الحياة. ولتحقيق ذلك، توفر الجهات المختصة والمعنية برامج دعم وأدوية بديلة تساعد المسنين على الإقلاع، إلى جانب حملات توعوية مجتمعية تستهدفهم وأسرهم.

إن الرسالة الأهم التي نوجهها اليوم إلى كبار السن المدخنين هي أن الإقلاع عن التدخين ليس قراراً متأخراً، بل هو استثمار في صحتهم وراحتهم. كما أن دعم الأسرة ومساندتها يمثلان حجر الأساس في نجاح هذه الخطوة نحو حياة أطول وأكثر صحة.

* استشارية الصحة العامة - رئيسة جمعية أصدقاء الصحة