يشير تقرير من «وول ستريت جورنال» إلى أن البنتاغون بدأ يحث موردي الأسلحة على مضاعفة الإنتاج فوراً، تحسباً لأي صدام عسكري مع الصين، خاصة في ظل انخفاض المخزون الأمريكي للأسلحة. ومؤخراً تم تشكيل «مجلس تسريع إنتاج الذخيرة» برئاسة نائب وزير الدفاع الأمريكي، والذي تبدو مهمته أشبه بالسباق مع الزمن؛ مما يجبره على التواصل والتنسيق مع مسؤولي شركات تصنيع الأسلحة أسبوعياً حسب التقرير.
يتطلب الصاروخ الواحد قرابة العامين للتجميع بالإضافة إلى عدة شهور ومئات الملايين من الدولارات للاختبارات التأهيلية قبل الحصول على الموافقة على استخدامه من قبل القوات المسلحة الأمريكية. وعلى الرغم من ضخ إدارة ترامب 25 مليار دولار إضافية لتمويل زيادة التصنيع العسكري، إلا أن المراقبين يعتقدون أن سرعة الإنجاز المطلوبة تحتاج إلى مبالغ مالية أكثر من ذلك بكثير.
وكانت الحرب على أوكرانيا بمثابة جرس الإنذار الذي أيقظ البنتاغون وصناعة الأسلحة برمتها في أمريكا بعد أن تراجع إنتاج الأسلحة في السنوات الماضية لدرجة أن كثيراً من الأسلحة باتت من غير قطع غيار خاصة الصواريخ الاعتراضية مثل الباتريوت التي يتم استخدامها بشكل مكثف حالياً لاعتراض الهجمات الصاروخية الروسية.
وأدى استخدام المئات من الصواريخ المتطورة باهظة الثمن في هجوم أمريكا على المفاعل النووي الإيراني قبل بضعة أشهر إلى انخفاض مخزون الصواريخ لديها؛ مما يجعل من تكثيف الإنتاج ضرورة قصوى. وتكمن الحاجة الآن على الحصول على 12 نوعاً من الصواريخ منها الصواريخ المضادة للسفن وأبرزها صواريخ الباتريوت؛ خاصة وأن «لوكهيد مارتن» الشركة المصنعة لها تعاني من عدم القدرة على توفيرها نظراً للطلب الكبير عليها؛ مما اضطرها إلى زيادة أعداد العمال وتوسعة مساحات المصانع.
وهذا التحرك السريع من قبل الأمريكان للاستعداد لأي مواجهة مع الصين له أسبابه الوجيهة، فالصين تمتلك قوة عسكرية تنمو نمواً مضاعفاً سنوياً، فبعد أن كانت الميزانية العسكرية الصينية لا تتجاوز سدس ما تخصصه الولايات المتحدة الأمريكية للإنفاق العسكري في 2012، وصلت الميزانية العسكرية الصينية اليوم إلى ثلث ما تنفقه أمريكا. والصين تنفق خمسة أضعاف ما تنفقه اليابان على الجانب العسكري وسبعة أضعاف ما تنفقه كوريا الجنوبية كذلك وهما حليفان لأمريكا في الشرق الأقصى؛ مما يدل على اختلال شديد في ميزان القوة بين الصين وحلفاء أمريكا وهو أمر يهدد المصالح الأمريكية حتماً.
أيضاً تمتلك الصين أكبر ترسانة في العالم من الصواريخ البالستية، والتي يصل مدى بعضها إلى 4 آلاف كيلومتر مما يهدد القواعد الأمريكية في المحيط الهادئ مثل قاعدة جزيرة «جوام». وتخطت الصين القوة البحرية الأمريكية منذ العام 2014 من حيث عدد القطع البحرية، كما أن أسطولها من المقاتلات الجوية في تطور سريع خاصة مع دخول مقاتلات J-20 من الجيل الخامس والقادرة على التخفي وإصابة الأهداف بدقة عالية. والصين لديها 600 رأس نووي حسب تقديرات هذا العام 2025 وتسعى أن تضاعف العدد بحلول عام 2035 مما يصل بها إلى عدد مقارب لأعداد الرؤوس النووية الروسية والأمريكية.
كل ذلك على ما يبدو يدخلنا في سباق تسلح بين قوتين نوويتين يشبه السباق الذي شهده العالم خلال الحرب الباردة. ومما لا شك فيه، فإن التفوق العسكري -وليس الاقتصاد- هو الأساس في فرض الهيمنة الدولية وهو أمر لن تفرط فيه الولايات المتحدة الأمريكية حتى مع صعود الصين ومقارعتها لها.