انتشر خلال اليومين الماضيين مقطع من مسلسل مدبلج يُعرض على إحدى المنصات الشهيرة، يروّج للمثلية ويدعو إلى حرية التعبير عنها، وكأنها أمر مباح وطبيعي، بل يشجع الإنسان على أن يكون "صادقاً مع مشاعره” ومرتاحاً لكونه شاذاً، بعيداً عن السوية والفطرة.
والأدهى من ذلك أن العمل مدبلج إلى اللغة العربية، وتظهر فيه إحدى الشخصيات مرتدية الحجاب، في محاولة مكشوفة لتمرير هذا الفكر بين الجمهور العربي والإسلامي. وقد أثار هذا المقطع استياء واسعاً بين أولياء الأمور والتربويين والإخصائيين الاجتماعيين، ودفع كثيرين إلى الدعوة لمقاطعة المنصة وإلغاء الاشتراك فيها.
لكن السؤال الأهم: أين الخلل؟ وكيف نحمي أبناءنا؟
فمثل هذا المحتوى لا يقتصر على منصة واحدة، بل أصبح منتشراً في معظم المنصات، ومغلفاً تحت شعارات براقة مثل "حرية الفكر” و"قبول الآخر”، بينما هو في الحقيقة حثالة فكرية تسعى لتشويه الفطرة الإنسانية.
قبل التفكير في القطيعة، علينا صون فكر أبنائنا، وذلك لا يتحقق إلا بـبناء برامج تعليمية وتثقيفية موازية لزمننا، وبخلق صنّاع فكر وقيم قبل صنّاع محتوى. فالمؤسف فإن البعض من "صُنّاع المحتوى” اليوم يحتاجون هم أنفسهم إلى "صناعة فكر” قبل أن يصنعوا محتوى للآخرين.
نحن بحاجة إلى برامج عربية تربوية معاصرة، على غرار ما كانت عليه «افتح يا سمسم» و«المناهل» والمسلسلات الكرتونية «سنان» و«بومبو»، فبعد غيابها ضاعت الطفولة وملامح البراءة.
كما نحتاج إلى منظمة عربية تُعنى بإنتاج الأفلام والمسلسلات الكرتونية الهادفة، بدلاً من الاعتماد على الآخر لتربية أطفالنا بفكر بعيد عن قيمنا وثقافتنا.
علينا أن نواكب التطور التكنولوجي بعقول أبنائنا، ولكن بتسليحهم بالوعي العميق والفكر السليم، لأن التربية اليوم لم تعد مسؤولية الأسرة فقط، بل معركة وعي تحمي جيلاً بأكمله من الانجراف خلف السموم الفكرية التي تتخفى في ثوب الفن والترفيه.