اطّلعتُ على تقرير أصدره المركز الإحصائي الخليجي، يكشف عن معدلات النمو للربع الأول من العام 2025، والذي رصد ارتفاعاً للأداء العام للاقتصاد الخليجي في الربع الأول من عام 2025، ونمواً في البحرين بواقع 2.7% لتتجاوز كلٌّ من سلطنة عُمان «2.5%» ودولة الكويت 1%.

وقد كانت الإمارات في المرتبة الأولى بمعدل نمو بلغ 3.9% ثم قطر التي حققت نمواً بنسبة 3.7%، والمملكة العربية السعودية بمعدل 3.4%، ونحن نعلم أن هذه الدول الثلاث لديها إمكانيات مادية أكبر من البحرين، ولذلك فإن تحقيق المملكة لهذا الإنجاز، يستحق منا الإشادة، ثم البحث حول أسباب ذلك.

فعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي تضرب كل دول العالم، وبالأخص منطقة الشرق الأوسط التي لا تتمتع بأي هدوء ولو لفترة قصيرة، إلا أن البحرين -الدولة الأصغر مساحة في هذه المنطقة- استطاعت أن تنافس الكبار وتحقق هذا الأداء الرائع بإمكانات محدودة.

وعند الحديث عن الإمكانات المحدودة، كثيراً ما ينسى الناس أن الأمر لا يربط بالمساحة أو الإمكانات المادية، وإنما بالعنصر البشري نفسه الذي يدير هذه الإمكانات ويعيد برمجتها وخلطها للخروج بفورمولا تحقق أعلى عائد ممكن لأقل إمكانيات متاحة.

ولقد أسس حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم هذه الرؤية في مشروع جلالته الإصلاحي قبل أكثر من ربع قرن، حين جعل الشباب هم القاعدة واللبنة لمسيرة الازدهار والتنمية، وحرص جلالته في كل محور من محاور المشروع أن يضع الشباب أمام مسؤولية تحقيق الأهداف.

ومن ثم منح جلالته مسؤولية إدارة وتنفيذ تلك الرؤية وهذا المشروع، إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والذي بدأ مبكراً بإطلاق مجلس التنمية الاقتصادية ومن ثم إدارة العمل الحكومي بكافة تفاصيله.

ولعل أهم مبادرات سموه في هذا الصدد هو برنامج المنح الدراسية العالمية وبرنامج تنمية الكوادر الحكومية، وإطلاق مبادرة فكرة، وبرنامج تقييم الذي وصل إلى النسخة الخامسة منه، والعديد من المبادرات والأفكار والدعم والتشجيع لكل شباب الوطن.

ولا يداخلني شك في أن تحقيق التنمية في مملكتنا العزيزة، هو من ثمار تلك الرؤية الملكية السامية، ونتاج مبادرات سمو ولي العهد رئيس الوزراء، وبجهود الشباب المبدع من أبناء البحرين، الذين نراهم كل يوم يحققون إنجازاً بعد آخر، ويصلون باسم البحرين إلى أبعد نقطة في الكرة الأرضية.

وقبل أيام حققت البحرين إنجازاً يؤكد على الرؤية الاستشرافية لسمو ولي العهد رئيس الوزراء، وذلك عندما فاز فريق «مكلارين» المملوك لشركة ممتلكات القابضة، الصندوق السيادي لمملكة البحرين، بلقب بطولة العالم للفورمولا1 للصانعين لموسم 2025 وللمرة الثانية على التوالي، وعلى الرغم من كونه إنجازاً وطنياً بامتياز إلا أنه إهداء من سموه لعشاق سباقات السيارات، ورسالة للعالم أجمع بأن البحرين قد تكون ذات مساحة صغيرة، وإمكانات مادية محدودة، إلا أن قيادتها تتمتع بتفوق في التخطيط والإدارة الحسنة، وتشجيع الإبداع وتقديم الدعم اللامحدود للمبادرين والرواد، وتأسيس الأجيال المتعلمة الواعية.

وكل هذه الأشياء هي أهم بكثير من المساحات الشاسعة والموارد الطبيعية الأخرى، فدعونا نستمتع بما تحققه البحرين بفضل الله تعالى وبفضل قيادتها الحكيمة وشبابها الواعد.