السياقة في أبوظبي حكاية أخرى من الذوق والاحترام، ليس بسبب ما تتميّز به شوارع أبوظبي من بنية تحتية متقدمة أو شوارعها الواسعة ومناظرها الجميلة للكورنيش والمعالم السياحية المبهرة مثل قصر الوطن وجامع الشيخ زايد الكبير، وإنما التزام الشعب والمقيم بقواعد المرور وقوانينها.

ما وجدته في إمارة أبوظبي، عندما أجوب شوارعها في جميع الأوقات، يذكّرني بالتوليفة الجميلة عند السياقة في البحرين بين السائقين والمارة منذ عشرين سنة أو أكثر.

كنا نردّد بفخر بأن السياقة في البحرين فن وذوق، حيث الهدوء واحترام قوانين المرور، برغم أن القوانين كانت بسيطة، إلا أن الثقافة المرورية والحِسّ المسؤول كانا حاضرَين آنذاك، لكنهما تلاشيا نوعاً ما بين كثير من السائقين.

قوانين المرور تكاد تكون متشابهة بين البحرين وأبوظبي، من حدود السرعة، والتقيد بارتداء حزام الأمان، والالتزام بالإشارة الضوئية، وحظر استخدام الهواتف أثناء القيادة، ونظام النقاط على المخالفات المرورية والغرامات، إلا أنني وجدت بأن في إمارة أبوظبي هناك غرامات على المخالفين عند عدم احترام حقوق المشاة أثناء وقوفهم عند خطوط المشاة، والأمر الآخر هو انتشار الرادارات في الشوارع بشكل كبير لمراقبة سرعة المركبات، وهذا ما يُلزم السائق بالتقيد بسرعة الشارع، وكذلك استخدام إشارات تغيير الاتجاه «سيجنال» بكثرة عند الدوار وتغيير المسارات، جميعها نابعة من ثقافة المجتمع بأهمية الالتزام بقواعد المرور.

ليس الأمر مرتبطاً بالغرامات المالية أو بتعدّد الثقافات وإنما بثقافة مجتمع، حتى العمالة في أبوظبي سياقتهم جميلة في الشوارع. فعلياً، السياقة في أبوظبي جداً راقية وهادئة وجميلة، بعيدة عن العصبية أثناء القيادة.

ثقافة السلامة المرورية تعكس سلوكيات الأفراد تجاه قوانين وأنظمة المرور واحترامها، فهي مفهوم واسع يتجاوز مجرد وجود التشريعات والقوانين المرورية.

فبينما تلعب القوانين دوراً أساسياً في تنظيم المجتمع، فإن الثقافة الحقيقية تكون من خلال تنفيذ هذه القوانين، فاحترامها ليس مجرّد واجب قانوني، بل هي مسؤولية اجتماعية تُسهم في بناء وتماسك المجتمع.