حسن الستري
أكدت الحكومة أن المشروع النيابي المتضمن تكفلها بإنشاء رياض الأطفال يتعارض مع السياسة التعليمية في مملكة البحرين والممارسات الدولية، إضافة إلى تحقق الغاية من مشروع القانون ضمن أدوار وزارة التربية والتعليم في الرقابة والإشراف على رياض الأطفال.
وذكرت أنه من حيث إن المستقر عليه في فقه القانون عند إعداد التشريعات، أن تتم صياغتها على وجه يتناسب مع السياق القانوني القائم، ويقصد بذلك أن تكون نصوص التشريع أو القانون المقترح منسجمة مع بعضها البعض دون تعارض فيما بينها من ناحية، ومع النصوص ذات الصلة في التشريعات النافذة والقوانين المرتبطة القائمة، وليس بمعزل عنها من ناحية أخرى، إذ يجب أن تكون المنظومة التشريعية كلها بمثابة بناء واحد، ويكون التشريع أو القانون المقترح بمثابة لبنة في هذا البناء دون تشوه أو خروج عن هيكل هذا البناء في مجمله.
وأضافت: أن الغاية من مشروع القانون تتمثل في مواكبة الاتجاه التشريعي بخفض من الإلزام، وذلك من خلال تهيئة القانون المواكبة هذا الاتجاه التشريعي، بالإضافة إلى إدراج إنشاء رياض الأطفال ضمن المسؤوليات التي تباشرها وزارة التربية والتعليم، تنوه الحكومة بأنه، ووفقاً لما هو مستقر عليه، أن منظومة التشريعات في مجملها تمثل نسيجاً واحداً متكاملاً، وبعد دستور مملكة البحرين هو القانون الأسمى والأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لكل قاعدة قانونية تليها في المرتبة، وقد نص الدستور في مادته رقم 7 على أن: « ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون، وتشجع البحث العلمي، كما تكفل الخدمات التعليمية والثقافية للمواطنين، ويكون التعليم إلزامياً ومجانيا ًفي المراحل الأولى التي يعينها القانون، وعلى النحو الذي يبين فيه ويضع القانون الخطة اللازمة للقضاء على الأمية.
وتابعت: وتنفيذاً للنص الدستوري، فقد أطر القانون رقم 27 لسنة 2005 بشأن التعليم مفهوم الإلزام وحدود إلزاميته، بالإضافة إلى تحديد مسؤوليات واختصاصات وزارة التربية والتعليم فيما يخص القطاع الخاص، وذلك وفقا للسياسة التعليمية التي أكد عليها الدستور، ونص في مادته الأولى على أن: «من الإلزام بلوغ سن السادسة من عمر الطفل حسب التاريخ الميلادي لولادة الطفل، وينتهي الإلزام ببلوغه من الخامسة عشرة من عمره». وقد نص في المادة الخامسة على أن توجه إمكانات الوزارة البشرية ومواردها المادية لتحقيق أهداف السياسة التعليمية والتوجهات المستقبلية لتطوير التعليم، وتباشر مسؤولياتها على الوجه التالي:
6 - تشجيع التعليم الخاص للمساهمة في نشر التعليم في إطار السياسة العامة للمملكة.
15- تعمل الوزارة على دعم وتشجيع القطاع الخاص في إنشاء رياض الأطفال مع العمل على رقابتها من الناحيتين التربوية والإدارية».
كما جاء قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 37 لسنة 2012 ونص في المادة 35 على أن: « تعمل الدولة على جعل التعليم في رياض الأطفال متاحاً للأطفال في الفئة العمرية من «ثلاث إلى ست سنوات» وذلك من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والبدنية والحركية والوجدانية والاجتماعية».
كما نصت المادة 36 من ذات القانون على أن تخضع رياض الأطفال الخطط وبرامج وزارة التربية والتعليم والإشرافيا الإداري والفني، ويصدر بتحديد مواصفاتها، وكيفية إنشائها، وتنظيم العمل فيها. ومناهجها التعليمية، وشروط القبول والالتحاق بها، قرار من وزير التربية والتعليم».
ووفقاً للتشريعات والممارسات الإقليمية والدولية المتصلة بتحديد السن الإلزامي للتعليم، فقد تبين منها أن أغلب الدول قد حددت السادسة من العمر باعتبارها السن الإلزامي لقبول الأطفال في التعليم وهو ما يماثل السياسة المتبعة حالياً في مملكة البحرين بتحديد من السادسة من عمر الطفل لبدء السن القانوني والملزم لالتحاق الأطفال بمرحلة التعليم الأساسي. ومن الدول التي تتبنى ذات السياسة التعليمية المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، وجمهورية مصر العربية، والتي تأخذ بذات التنظيم في تحديد سن القبول في مرحلة التعليم الابتدائي، مع ترك خيار إمكانية النزول بسن القبول في هذه المرحلة، وفقا للسياسة التعليمية المتبعة، والسجاما مع ورغبة أولياء الأمور في إلحاق أبنائهم بمرحلة التعليم الأساسي من عدمه.
وحرصا على تحقيق المصلحة الفضلى للأطفال، فقد أعلنت وزارة التربية التعليم ومنذ العام الدراسي 2023-2024 عن فتح باب القبول للأطفال المستجدين الراغبين في الالتحاق بمرحلة التعليم الابتدائي من مواليد أشهر سبتمبر ولغاية ديسمبر من العام 2017م، بحيث تم قبول مواليد كامل العام الدراسي الذي يبلغ فيه الأطفال من إلزامية التعليم، ويكونون على مقاعد الدراسة مع بدء العام الدراسي الجديد أسوة بالأطفال الذين بلغوا فعليا من السادسة من العمر، وذلك لتحقيق أقصى درجات الرضا بين المواطنين وأولياء الأمور، الذين يرغبون في انتظام أبنائهم وبناتهم ممن لم يبلغوا سن الإلزام مع بداية العام الدراسي في المدارس الحكومية، لتكون مملكة البحرين بذلك قد طبقت واحدة من أرقى السياسات التعليمية الدولية في قبول الأطفال المستجدين في الحلقة التعليمية الأولى، مما يعزز فرص التعلم لديهم.
وبعد هذا القرار خطوة تعليمية نوعية وسياسة ستطبقها الوزارة بشكل دائم وليس أمرا استثنائها. ويقتصر هذا القرار على مواليد أشهر سبتمبر ولغاية ديسمبر من العام الدراسي الذي لم يبلغ الطفل خلاله سن إلزامية التعليم، ولا يستطيل كافة الأشهر على نحو النزول بسن الإلزام من السادسة من عمر الطفل إلى الخامسة مثلما أشير له في صلب المذكرة الإيضاحية، هذا من جانب.
ومن جانب آخر، فإن إلزام الحكومة، ممثلة في وزارة التربية والتعليم، بإنشاء رياض الأطفال، يخالف القوانين آنفة الذكر، التي حددت اختصاصات ومسؤوليات وزارة التربية التعليم، المتمثلة في منح تراخيص إنشاء المؤسسات التعليمية التي تشمل رياض الأطفال ومتابعة مدى التزامها بالضوابط والأنظمة المعتمدة والرقابة على تلك المؤسسات، والإشراف عليها من الجانبين التربوي والإداري. أما إنشاء هذه المؤسسات وإدارتها فعليا، فهو يتم من خلال القطاع الخاص، وذلك وفقا لأفضل الممارسات الدولية في هذا الشأن.
وأوضحت الحكومة في مذكرتها بأن وزارة التربية التعليم، وضمن مسؤولياتها واختصاصاتها، تشرف فعليا على رياض الأطفال، وتضطلع الوزارة بدور أساسي في تشجيع القطاع الخاص على إنشاء رياض الأطفال بهدف المساهمة في نشر العلم والمعرفة، كما تعمل الوزارة على توفير أشكال متعددة من الدعم، سواء المباشر أو غير المباشر، المؤسسات رياض الأطفال وللعاملين فيها، بما يعزز من جودة الخدمات التعليمية، ويسهم في استدامتها، ويأتي ذلك في إطار تعاونها الوثيق مع القطاع الخاص لتعزيز الاستثمار في التعليم وتحقيق الأهداف المنشودة في نشر المعرفة وبناء أجيال قادرة على المساهمة في التنمية المستدامة المملكة البحرين.
كما أن الوزارة تتأكد من مدى التزام رياض الأطفال بأحكام المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1998 بشأن المؤسسات التعليمية والتدريبية الخاصة والقرارات والتعاميم الصادرة تنفيذا له، وفي حال ثبوت أي مخالفة لهذه الأحكام أو التعليمات، تفعل الوزارة صلاحياتها الإدارية والقانونية، استنادا إلى حكم المادة 28 من ذات المرسوم بقانون، بما يرسخ دورها الرقابي والإشرافي على هذه المؤسسات، وهو ما حدا بالوزارة إلى إصدار إطار تنظيمي المؤسسات التعليم المبكر المستقلة، بهدف إلى تنظيم عمل تلك المؤسسات، وتحسين جودة خدماتها، وزيادة حجم الاستثمار في رياض الأطفال.
ودعت الحكومة لإعادة النظر في مشروع القانون المقترح، مؤكدة أنها ستبقى دائماً على أتم الاستعداد للتعاون مع القطاع الخاص لتحقيق مصلحة المواطنين، وتقديم الدعم اللازم لرياض الأطفال والإشراف والرقابة عليها وفقاً للإمكانات المتاحة، وفي إطار التشريعات السارية والمنظمة في مملكة البحرين وتنفيذ السياسات والبرامج والمبادرات التي تسهم في تعزيز فاعلية الحوكمة بدءاً من مرحلة التعليم المبكر. تحقيقاً للتكامل بين المؤسسات التعليمية، وتعزيز الشراكة والاستثمار مع القطاع الخاص، بما يسهم في تطوير التعليم الخاص والارتقاء بخدماته.