في أواخر شهر سبتمبر، أطلقت شركة OpenAI الإصدار الثاني من منصتها الثورية «Sora2»، وهو نظام ذكاء اصطناعي سيُحدث تحولاً جذرياً في عالم إنشاء الفيديوهات بفضل قدراته الاستثنائية.

فبعد أن بدأ المشروع كتجربة أولية صامتة للفيديو فقط في فبراير 2024، تطوّر ليصبح منتجاً متكاملاً موجهاً للمستهلكين، يوفّر الآن صوتاً متزامناً وواقعية فائقة تُعيد تعريف أساليب إنشاء الوسائط المرئية.

لقد حظيت المنصة بإقبال غير مسبوق، إذ تجاوز عدد تنزيلات «Sora2» مليون تحميل خلال أقل من خمسة أيام، متفوقة بذلك على ChatGPT من حيث سرعة الانتشار الأولي. كما تصدّرت التطبيق قائمة متجر Apple App Store في الأسواق التي أُطلقت فيها.

ومع ذلك، لا يزال التطبيق متاحاً فقط عبر الدعوة لمستخدمي أجهزة iOS في الولايات المتحدة وكندا، مما يتيح لـOpenAI إدارة الضغط على الخوادم ومراقبة حالات إساءة الاستخدام المحتملة.

تعتمد «Sora2» في جوهرها على تقنية ذكاء اصطناعي متقدمة تُعرف باسم محولات الانتشار «Diffusion Transformers»، والتي تُعالج ما يُسمّى بـ«رقع الزمكان» وهي وحدات بيانات صغيرة تجمع بين الأبعاد المكانية والزمنية. يتيح هذا النهج للنظام فهماً عميقاً للحركة مع الحفاظ على اتساق مظهر الكائنات عبر اللقطات.

ومن أبرز التحسينات في الإصدار الجديد الصوت المتزامن تماماً مع حركة الشفاه في الحوارات، بالإضافة إلى محاكاة فيزيائية متقدمة تُنتج تفاعلات واقعية مذهلة لم يكن بالإمكان تحقيقها من قبل.

كما أصبحت المنصة تدعم أنواعاً متعددة من المدخلات، تتجاوز النصوص لتشمل تحريك الصور الثابتة وتحرير المقاطع المصوّرة بدقة فائقة. وقد تمّ تطوير قدرات الإخراج لتصل إلى دقة 1080p مع مدة تتجاوز الدقيقة الواحدة، مما يجعل التقنية مناسبة للاستخدام الشخصي والاحترافي على حدّ سواء.

ولضمان الشفافية، تُضمّن كل مقاطع الفيديو المُنتجة توقيعات رقمية C2PA تُعرّف بوضوح أنّ المحتوى مولّد بالذكاء الاصطناعي، في خطوة تهدف إلى مكافحة التضليل الإعلامي باستخدام أدوات تقنية متقدمة.

تعمل «Sora2» كتطبيق مستقل على نظام iOS وكمنصة ويب أيضاً، حيث يوفر التطبيق واجهة مشابهة لـTikTok لإنشاء ومشاركة المحتوى المولّد بالذكاء الاصطناعي.

وتُعد ميزة Cameos من أبرز الخصائص الجاذبة، إذ تمكّن المستخدمين من إدخال ملامحهم وأصواتهم داخل الفيديوهات المُنشأة، ما ساهم في انتشار واسع للمنصة، لكنه في الوقت ذاته أثار تساؤلات أخلاقية حول الخصوصية والموافقة واستخدام الصور الشخصية.

واجهت الشركة بعض الانتقادات فيما يتعلق بسياساتها حول حقوق النشر. وبعد ملاحظات من أصحاب الحقوق بشأن سياسة «الانسحاب» السابقة، اعتمدت OpenAI نموذجاً جديداً يعتمد على الاشتراك الطوعي وتقاسم الإيرادات، مما أتاح مساراً مبتكراً لتحقيق الدخل لأصحاب الملكية الفكرية.

تخطط الشركة لتوسيع نطاق المنصة عالميًا بإطلاق إصدار Android، وتوفير واجهات API للمطورين، ما يجعل من Sora 2 الأساس لبيئة جديدة كلياً من تطبيقات الوسائط المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

ومع هذا التقدم السريع، تواصل OpenAI تطوير أنظمة أكثر قوة للوسم المائي ومراقبة المحتوى، للحدّ من المخاوف المشروعة المتعلقة بالمعلومات المضللة أو إساءة استخدام الوسائط الاصطناعية.

ومع تجاوز «Sora2» مرحلتها التجريبية المحدودة، يُتوقع أن تُحدث تأثيراً واسعاً في مجالات الترفيه والتسويق والاتصال، إذ تمثل هذه التقنية الرائدة بداية عصر جديد في إنتاج الوسائط الرقمية، حيث تندمج حدود الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي، فاتحةً آفاق غير مسبوقة للمبدعين حول العالم، ومغيرةً إلى الأبد علاقتنا مع فنون السرد البصري.