رفعت نحو 3,000 دعوى قضائية في بريطانيا ضد شركة الأدوية الأمريكية العملاقة جونسون آند جونسون (Johnson & Johnson)، تتهمها بأنها باعت على مدى عقود منتجات تحتوي على مادة التلك الملوثة بالأسبستوس – وهي مادة مسرطنة معروفة – دون تحذير المستخدمين من المخاطر الصحية المترتبة على ذلك.وبحسب وثائق الدعوى المقدمة إلى المحكمة العليا في لندن، فإن القضايا التي تنظرها المحكمة قد تصل قيمتها الإجمالية إلى أكثر من مليار جنيه إسترليني، في واحدة من أكبر القضايا الصحية ضد شركة دوائية في أوروبا.
الاتهامات: «إخفاء للمخاطر وتضليل للمستهلكين»
يتهم محامو المدعين شركة «جونسون آند جونسون» بأنها كانت على علم منذ عقود بوجود تلوث بالأسبستوس في بعض رواسب التلك المستخدمة في تصنيع بودرة الأطفال، ومع ذلك استمرت في بيع المنتج والترويج له على أنه آمن للاستخدام اليومي للأطفال والنساء.وقال المحامي مايكل رولينسون أمام المحكمة إن الأدلة تشير إلى أن جميع المناجم التي كانت تزود الشركة بالتلك احتوت على نسب متفاوتة من الأسبستوس، وأن الشركة «أخفت المعلومات عن العامة، وضغطت على الجهات التنظيمية لتقليل أهمية المخاطر الصحية».
قصص مأساوية وراء الدعاوى
من بين مقدمي الدعاوى، جانيت فوشيلو (75 عامًا)، التي قالت إنها استخدمت بودرة الأطفال من «جونسون آند جونسون» منذ الستينيات وأُصيبت بسرطان المبيض قبل سبع سنوات. وأضافت:
أما باتريشيا أنجل، فاتهمت الشركة بالتسبب في وفاة زوجها إدوارد عام 2006 بعد إصابته بمرض ميزوثليوما (Mesothelioma)، وهو سرطان قاتل مرتبط مباشرة بالتعرض للأسبستوس. وقالت:
الشركة تنفي الاتهامات وتدافع عن منتجها
من جانبها، نفت شركة كينفيو (Kenvue) – الذراع الاستهلاكي السابق لـ«جونسون آند جونسون» والمسؤول عن القضايا خارج أمريكا الشمالية – هذه المزاعم بشكل قاطع، مؤكدة أن منتجاتها مطابقة للمواصفات التنظيمية ولا تحتوي على أسبستوس.وقالت الشركة في بيان:
جدل علمي طويل حول التلك والأسبستوس
التلك هو معدن طبيعي يُستخرج من الأرض، وغالبًا ما توجد رواسبه بالقرب من رواسب الأسبستوس، ما يجعل احتمال التلوث واردًا ما لم تُتبع عمليات تنقية صارمة.ويؤكد محامو المدعين أن جونسون آند جونسون كانت تعلم بهذا الارتباط الجيولوجي لكنها «اختارت تجاهله حفاظًا على أرباحها وسمعتها التجارية».وتشير الوثائق إلى أن الشركة استبدلت التلك بالنشا الذري (Corn Starch) في بعض الأسواق بعد تزايد القضايا، لكنها لم توقف بيع المنتجات القائمة على التلك عالميًا إلا عام 2023 – أي بعد ثلاث سنوات من سحبها من أسواق أمريكا وكندا.
شركة عملاقة في مأزق عالمي
يأتي هذا التطور في ظل استمرار موجة من القضايا المماثلة ضد الشركة في الولايات المتحدة، حيث تواجه عشرات آلاف الشكاوى من نساء يدعين أن منتجات التلك الخاصة بها سببت لهن سرطان المبيض.وقد حاولت الشركة أكثر من مرة التوصل إلى تسويات مالية جماعية لتجنب المحاكمات الطويلة، لكنها فشلت بعد رفض المحاكم الأمريكية خطة الإفلاس التي اقترحتها لحماية نفسها من المسؤولية القانونية.
مطالبات بمحاسبة الشركة
يؤكد ممثلو الادعاء في بريطانيا أن الشركة تصرّفت بسوء نية على مدى عقود من خلال "تمويل دراسات تقلل من خطورة الأسبستوس"، والتأثير على قرارات الجهات التنظيمية العالمية لمواصلة بيع المنتج.ويطالب المتضررون بتعويضات مالية ضخمة وبـ«اعتذار رسمي» من الشركة لكل من أصيبوا بسبب منتجاتها.ومن المتوقع أن تكون هذه القضية محورية في تحديد مستقبل الشركة قانونيًا داخل الأسواق الأوروبية، بعد أن تراجعت بالفعل مبيعاتها في الولايات المتحدة.