توقفت عند هذا الخبر، وأنا أتصفح جرائدنا المحلية، والسبب الذي دفعني لذلك هو استغرابي وإعجابي في آنٍ واحد بأن تكون هناك مؤسسات أو شركات أو أصحاب نشاط تجاري خاص يقومون بتخصيص جانب من عوائدهم المالية السنوية لخدمة قضايا إنسانية.

ومبعث الاستغراب أننا في زمن نادر جداً أن نجد مثل هذه المبادرات بالمقارنة مع سطوة السعي للكسب وتحقيق الأرباح في عالم الأعمال التجارية، رغم الإدراك بأن هناك نماذج جميلة لجهات تخصص أجزاء من ريعها لخدمة القضايا الإنسانية وتقديم العون للمجتمع.

الخبر الذي تناول تسلّم المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية للتبرع السنوي من «جواهر عائشة» ضمن مبادرة «عطاء» التي تقيمها للسنة الخامسة على التوالي، يحمل في طياته دلالات عميقة على استمرارية العطاء المؤسسي المنظم، لا لمرة واحدة بهدف الدعاية أو الظهور الإعلامي، بل كنهج ثابت وسلوك متجذر في قيم أصحاب هذا المشروع.

الأجمل في هذا العام أن المبادرة خُصص ريعها لرفع الوعي بمتلازمة تكيس المبايض وعلاج العقم، وهو موضوع صحي وإنساني يهم شريحة كبيرة من النساء والأسر، ما يعكس وعياً راقياً في اختيار القضايا المستهدفة.

الجميل في الموضوع أيضاً هو التنسيق مع المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، باعتبارها الجهة المكلفة من قبل جلالة الملك حفظه الله ورعاه بدعم الأيتام والأرامل وتقديم المساعدات الإنسانية داخل المملكة.

هذا التعاون بين القطاع الخاص والمؤسسات الرسمية الخيرية يعزز من كفاءة العمل الإنساني، ويجعل المؤسسة تضاعف من جهودها وتوسع شبكة علاقاتها وتعاونها مع الجهات المانحة وأصحاب الأيادي البيضاء الذين يشكرون من صميم القلب على أفعالهم ومبادراتهم الصادقة.

ولا بد أن أشير في الختام إلى أنني لا أعرف أصحاب هذا التبرع مسبقاً، وإنما تعرفت عليهم من خلال هذا الخبر المنشور.

غير أن الفعل الإنساني الذي قاموا به، وللعام الخامس على التوالي كعادة سنوية كريمة، يجعلنا جميعاً نفتخر ونعتز بأن نرى أخلاق أهل البحرين وطيبتهم وكرمهم وهي صفات متأصلة فيهم منذ القدم، نراها اليوم تتجسد بشكل جميل ورائع، وبطريقة تجعلنا نتطلع لمثل هذه الإسهامات الإنسانية من قبل جهات أخرى أيضاً، طالما أنها تدعم أهدافاً إنسانية نبيلة، وبالأخص تلك التي توجه لأطفالنا الصغار والنشء الواعد.

فبارك الله في جهودهم، وجعل ذلك في ميزان حسناتهم، وفي رصيد عطائهم لأجل الوطن الغالي.