لا يختلف اثنان على أهمية الإعلام ودوره المحوري في حياتنا اليومية، ومدى تأثيره على توجهات الرأي العام، واليوم حل الإعلام الرقمي ضيفاً أساسياً ولاعباً مؤثراً على المجتمع بمختلف ساحاته المحلية والخارجية، ناهيك عن ملامسته للجانب العاطفي لكافة المستخدمين ومدى تأثر المتلقين والمتابعين لكل ما يُطرح على ساحات ومنصات التواصل المجتمعي.
ووسط كل تلك المتابعات والإدمان الذي طال البعض لتلك المواقع الإلكترونية التي لا تمر معظم أخبارها بأي مرشحات أو بوابات للتأكد من صحة ما يتم تداوله من أخبار على حساباتها، باتت الحاجة ملحة بل وضرورية لسن التشريعات والقوانين التي تضمن الخصوصية للأفراد والمجتمعات، وتضمن في الوقت ذاته حرية التعبير في مقابل مهنية الطرح التي مع الأسف باتت غائبة عن البعض، وتضع أيضاً ذلك الإعلام ضمن الإطار القانوني لمن يمارس دوره كصانع محتوى وناقل للخبر.
وسط هذا الفضاء المفتوح، كان لابد من إطار ينظم هذا الكم من الأخبار المتدفقة ووجهات النظر المتناثرة والمنشورات غير المسؤولة والتي من الممكن أن تكون معول هدم للأسرة والمجتمع وبالتالي الأوطان، ولنا في هذا المجال أمثلة كثيرة يندى لها الجبين، وباتت أجهزة الإعلام الرسمية والمسؤولة لا همّ لها سوى العمل على الحَدّ من الشائعات والمعلومات المغلوطة التي يتعمّد بعض مشرفي تلك الحسابات على نشرها لأهداف خاصة تارة أو دون إدراك منهم تارة أخرى.
قانون الصحافة الذي أقره مجلسا النواب والشورى سيُسهم في حفظ حقوق العاملين في مجال الإعلام الرقمي خاصة لمن جعل النزاهة والتحقق والوطنية هدفاً أسمى في قانون إدارة حسابه أو موقعه الإخباري، وسيدعم هذا القانون الاحترافية والالتزام بمواثيق الشرف الإعلامي، وسيصل إلى النتيجة المرجوة منه وهي تعزيز الثقة بين الجمهور وبين هذه المنصات التي غزت بيوتنا ومجتمعاتنا وأوطاننا، فهو تشريع منظم وضامن للحريات وفي ذات الوقت مانع للتجاوزات، فالإعلام مسؤولية لا فوضى، والالتزام المهني أساس لا ترف، ونقل الخبر أمانة لابد أن يتحلى الجميع بها.
ما ننشده من أمل عبر هذا القانون هو الوصول إلى بيئة إعلامية ناضحة ومسؤولة ومحفّزة ومشجعة لظهور مؤسسات إعلامية رقمية بحرينية رصينة ومتزنة تمارس دورها بحرية تامة وفق أنظمة وقوانين متطورة تواكب كل ما هو جديد في عالم الإعلام، وبالتالي تعزز من مكانة البحريني الريادية في كافة المجالات، وتدعم صورة المملكة كداعمة لحرية الكلمة والإعلام المهني الرصين.
إن الرؤية الملكية السامية التي يصاحبها الاهتمام الحكومي البالغ بتنظيم الصحافة والإعلام تعتبر من المكتسبات الوطنية التي تحققها رؤية البحرين المستقبلية، ومن هذا المنبر الصحفي الحر ندعو كافة الحسابات الإخبارية وصُنّاع المحتوى الرقمي إلى التفاعل الإيجابي مع القانون الذي جاء ليؤكد أن الإعلام شريك رئيس في التنمية، ومحرك عجلات الاقتصاد والاستدامة والتطور والرقي.