في عصر التواصل المستمر، لم تعد جودة المنتج أو الخدمة هي وحدها مفتاح النجاح لأي مشروع ناشئ أو شركة راسخة، وإنما أصبح صوت المؤسس أو رجل الأعمال نفسه عاملاً حاسماً في بناء الثقة والمصداقية، وربما كان هو الأهم. فكيف يمكن لرجل الأعمال أن ينقل رؤيته وشغفه وراء مشروعه؟ الإجابة تكمن في الترويج الشخصي الفعّال.
إن الترويج الذاتي للمشروع من قِبل صاحبه ليس مجرد خيار إضافي، بل هو ضرورة استراتيجية. ببساطة، لا يمكن لأحد أن يتحدث عن مشروعك أفضل منك. أنت من عشت تفاصيله، وفهمت مشاكله، وبنيت حلوله. هذا الشغف والمعرفة العميقة يخلقان تواصلاً حقيقياً مع الجمهور، العملاء المحتملين، وحتى المستثمرين، وهو ما لا يستطيع أي مدير تسويق أو موظف توصيله بنفس القوة والتأثير.
هنا يطرح السؤال: لماذا نجد أسماء رجال أعمال لامعة وشخصيات قيادية مشهورة تبرز في أسواق كبرى مثل الولايات المتحدة مثل بيل غيتس وإيلون ماسك والرئيس التنفيذي لشركة آبل تيم كوك الذي ظهر في إعلان تلفزيوني للشركة، ومصر مثل نجيب سويرس، والإمارات مثل محمد العبار وخلف الحبتور -الذي اعتبره نموذجاً يحتذى- وغيرهم، بينما نجد مثل هذه الأمثلة قليلة في البحرين؟
غالباً ما يعود ذلك إلى ثقافة «الظهور» والوعي بأهمية تسخير وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لبناء العلامة التجارية الشخصية المتصلة بالشركة. الأبطال المجهولون لا يستطيعون أن يلهموا أو يجذبوا الاستثمارات بنفس فعالية الأبطال المعروفين.
هناك رأي سائد في عالم الأعمال مفاده أن على صاحب المشروع أو الرئيس التنفيذي أن يصبّ اهتمامه على شيئين أساسيين: تطوير المنتج والمبيعات، ويترك كل ما تبقى من أشغال ليقوم بها الموظفون. هذه المقولة تركز على القوة الخارقة للصوت القيادي. فالتسويق لـ»الرؤية» و»القصة» هو جزء أصيل من المبيعات والتطوير، وهذا الدور لا يمكن تفويضه.
في الواقع، نحن كصحفيين وإعلاميين في البحرين نجد صعوبة في أخذ المعلومة مباشرة من الكثير من صناع القرار في الشركات، أو إجراء حوار عفوي معه أمام الكاميرا، مما يضعف قوة القصة التي ننقلها. وهذا يؤكد الحاجة الملحّة لأن يكسر رجال الأعمال حاجز الظهور.
لذا، ليس هناك من ضير إذا تدرّب صاحب المشروع على مهارات التواصل والإلقاء والحديث للكاميرا. هذه ليست كماليات، بل هي أدوات عمل أساسية في القرن الحادي والعشرين. من خلال التدريب، يمكنه أن يواجه تحدياً آخر يواجه الجيل الجديد من أصحاب الشركات في المنطقة، وهو مسألة اللغة.
فغالباً ما يتقن عدد من رواد الأعمال الشباب اللغة الإنجليزية بطلاقة فائقة، بينما قد يجدون صعوبة في التعبير عن أنفسهم ورؤاهم بفعالية وثقة باللغة العربية في محافل محلية، على الرغم من أهمية هذه اللغة في التواصل مع السوق المحلي والجمهور الأوسع في المنطقة.
رجل الأعمال هو سفير شركته الأول، وعليه أن يرفع صوته ويعرض رؤيته بطلاقة واقتناع، وإلا فإن أفكاره العظيمة قد تبقى أسيرة لجدران شركته.