وليد صبري


- الضغوط المستمرة قد تزيد معدلات التوتر والقلق والاكتئاب لدى المرضى- الصحة النفسية لمريض السكري تتأثر بعبء المرض وتعامله مع العلاج- التوتر النفسي يزيد إفراز هرمون الكورتيزول مما يؤدي لارتفاع الجلوكوز- الصحة النفسية تساعد على الالتزام بالخطة العلاجية وتحسن النتائج الطبية


أكد استشاري الطب النفسي، وأمين سر جمعية أصدقاء الصحة، د. إيهاب رخا أن الصحة النفسية لمرضى السكري يتطلب اهتماماً متزايداً من المختصين والمرضى على حد سواء، حيث يعتبر داء السكري من أكثر الأمراض المزمنة انتشاراً في العالم، ويحتاج من المريض توازناً دقيقاً بين العلاج الطبي، والنظام الغذائي، والنشاط البدني، والمتابعة المستمرة، لكن في خضم هذا الروتين الصارم، يغفل كثيرون عن موضوع حيوي آخر وجانب لا يقل أهمية وهو الصحة النفسية التي تلعب دوراً محورياً في إدارة المرض وجودة حياة المريض.

وأضاف أن مريض السكري يعيش يومياً مع تحديات تتعلق بالمراقبة المستمرة لمستويات السكر، والقلق من حدوث مضاعفات مفاجئة مثل انخفاض أو ارتفاع نسبة الجلوكوز، إضافة إلى الالتزام بنظام غذائي محدد قد يسبب له الشعور بالحرمان أو الضغط النفسي، منوهاً بأن هذه الضغوط المستمرة قد تؤدي إلى زيادة معدلات التوتر والقلق والاكتئاب لدى المرضى، وهو ما أثبتته دراسات عديدة تشير إلى أن مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بغيرهم.

إن الصحة النفسية لمريض السكري لا تتأثر فقط بعبء المرض نفسه، بل أيضاً بنظرة الشخص إلى حالته الصحية وطريقة تعامله مع العلاج.

وتابع أن: المريض الذي يتعامل مع مرضه بشكل إيجابي ويعتبره جزءاً من حياته يمكنه السيطرة على الأعراض والالتزام بالعلاج بصورة أفضل، وعلى النقيض من ذلك، فإن الإحباط والشعور بالعجز يؤديان إلى إهمال العلاج أو الإفراط في تناول الطعام أو غيره من السلوكيات التي تؤدي إلى تدهور الحالة الصحية.

وقال د. رخا أن العلاقة بين الصحة النفسية ومستوى السكر في الدم تبادلية، فالتوتر النفسي يزيد من إفراز هرمون الكورتيزول الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع مستوى الجلوكوز، ويؤدي الارتفاع المستمر في السكر إلى أن يكون المريض أكثر عرضة للتعب العصبي والذهني. لذلك، فإن معالجة الجانبين الجسدي والنفسي معاً تعتبر أساساً لتحقيق التوازن المطلوب.

وفيما يتعلق بالوسائل الفعالة للحفاظ على الصحة النفسية الجيدة لمريض السكري، ذكر د. رخا أن ممارسة الأنشطة البدنية المنتظمة تأتي في الصدارة، فقد أثبتت الدراسات أن الرياضة تقلل من أعراض القلق والاكتئاب وتحسن المزاج العام، مشيراً إلى أن الدعم الاجتماعي من الأسرة والأصدقاء يعد عاملاً مهماً أيضاً في تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالأمان، بالإضافة إلى جلسات العلاج النفسي السلوكي التي يمكن أن تسهم في تعزيز مهارات التكيف، ومساعدة المريض على تطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع الضغوط اليومية.

وأوضح د. رخا أن الأطباء عليهم أن يقوموا بدور فعال في تقييم الحالة النفسية لمرضاهم بانتظام، وليس فقط التركيز على المؤشرات الحيوية مثل نسبة السكر أو الكوليسترول، فالصحة النفسية الجيدة تساعد على الالتزام بالخطة العلاجية وتحسن من النتائج الطبية على المدى الطويل، لذا يجب تشجيع المرضى على الحديث عن مخاوفهم ومشاعرهم بدلاً من كتمانها، لأن التواصل الإيجابي يسهم بشكل كبير في تخفيف التوتر.

واختتم بالتأكيد أنه لا يمكن الفصل بين الصحة الجسدية والنفسية لدى مرضى السكري، إذ يشكلان معاً منظومة متكاملة، وأن الرعاية الشاملة التي تراعي الجانب النفسي إلى جانب العلاج تعزز فرص الشفاء وتحسن جودة الحياة، ما يعني أن الاهتمام بالصحة النفسية ليس رفاهية، بل هو جزء أساس من رحلة العلاج والعيش بصورة متوازنة وصحية.